الأخبار

رنا حداد تكتب : تحذير هذه الغرفة..قنبلة موقوتة !

رنا حداد تكتب : تحذير هذه الغرفة..قنبلة موقوتة !
أخبارنا :  

«في غرفة مسكينة بالبيت، كل ما أرتّب البيت أو أشيل شغلات بدي أوزّعها أو شغلات مكسّلة أضبّها، بحطّها فيها. شغلات مش عارفة ليش موجودة بالحياة أصلاً، بحطّها فيها. كل إشي عالق في الكوكب بدون مسمّى، بدون جدوى وجود، أو بحاجة لتصليح، بقعد فيها. اليوم، جيت أحط فيها شغلة، اكتشفت إنه ما في محل أحط رجلي بعد الباب.»
هذا المنشور البسيط الذي كتبته صديقتي بيسان بيطار بصدق وعفوية، كان كفيلًا بفتح باب مقفول في داخلي وفي داخل كثيرين.
فمن منّا لا يعرف هذه الغرفة؟ تلك التي لا نُسمّيها بشيء، لكنها تأخذ كل شيء. الغرفة التي نحشر فيها ما لا نريد رؤيته، ولا نملك قرار ورغبة التخلّص منه.
كل ما لا يصلح الآن، ولا يمكن استخدامه لاحقًا، كل ما لم نجد له مكانًا ولا وقتًا ولا تفسيرًا، نتركه هناك.
مرة بدافع الترحيل المؤقت، ومرة بدافع الكسل، وغالبًا لأننا ببساطة لا نريد المواجهة.
لكننا ننسى أن الغرفة لا تُنسى. تتراكم فيها الأشياء مثلما تتراكم فينا الأسئلة المؤجلة، والمشاعر التي لم تُحلّ، والقرارات التي لم تُحسم.
وكلما أغلقنا الباب، كانت هناك فوضى تنمو بصمت خلفه. حتى تأتي لحظة، نقف فيها على عتبة الباب ونكتشف أننا لم نعد نعرف من الذي بدأ الفوضى، ومن الذي تركها تتمادى.
هذه الغرفة الصغيرة في البيت ليست مجرد مساحة عشوائية، إنها صورة مصغّرة عنّا. كيف نؤجل، ونكدّس، ونراكم، ثم نستغرب لماذا نشعر بالثقل. تكشف لنا كيف أننا نرتّب حياتنا من الخارج ونتجاهل الداخل!.
كيف نُجيد إخفاء الفوضى عن « الزوّار»، وعن العيون، وننسى أنها تُثقلنا نحن، لا أحد سوانا يراها.
ربما ما نحتاجه ليس المزيد من الصناديق، ولا حلولًا ذكية للتخزين نحفظ مقاطع «ريلز» عنها، ونصائح منشورات نكدسها للتجريب..لاحقًا، بل نحتاج لحظة صدق ومواجهة. نحتاج أن نفتح الغرفة، لا لنضيف إليها شيئًا جديدًا، بل لنُفرغها.
نحتاج أحيانًا إلى عاصفة تنظيف داخلية، لا تجرفنا، بل تُعيد ترتيبنا، تجعلنا نُميّز بين ما يستحق البقاء وما حان وقت وداعه.
أو ربما، نحتاج فقط إلى شمس تدخل من نافذة الغرفة، تكشف الغبار الذي تجاهلناه طويلًا، وتُضيء علينا بلطف، لتُرينا بوضوح: ما الذي نحتفظ به؟ ولماذا؟ وإلى متى؟
بيسان لم تكن تشتكي. كانت تُشير، بعفوية، إلى تلك المساحة الصامتة التي نُخفي فيها كل ما لا نعرف كيف نواجهه. وفي إشارتها تلك، فتحت لنا بابًا للحديث مع أنفسنا. لأن الغرفة « المسكينة» ، هي قلوبنا، التي حين تضيق، تحاول أن تقول لنا شيئًا مهمًا: حان الوقت لترتيب ما لم نعد نراه، لكنّه لا يزال موجودًا في البيت، وفي القلب.

مواضيع قد تهمك