د. طلال طلب الشرفات يكتب : عاطفُ الطَّراونة؛ سلامٌ على الصَّبر

قدري في هذه الحياة أن أعشق الكرك وأهلها وقلعتها التي لنا فيها كما هم دمٌ وطهرٌ وشهادة وإرجوان، ولنا الحق –كل الحق– أن نباهي الدُّنيا بسادتها وساستها ورجالاتها الكبار؛ فالرَّبّة والخالدية والياروت والحسينيّة والمأمونية وزحوم ومؤتة وغيرها من قرى وقلاع بوابة الدِّيمقراطيّة التي ردّت الحيف ذات هيّة، واستلت السَّيف ذات زلَّة، وهنّ من الباقيات الصَّالحات للهوى والهويّة والعرش والعَلم، وقدسيَّة القضيّة.
سلامٌ على صبرك الجميل أبا الليث، وصمتك النَّبيل الذي صاغ أوتار وجع القصيدة؛ فتبّاً لمكيدة تناوبت بين وجع الرُّوح والجسد؛ وبين الخلاف والحسد، ولكنك المؤآبي الذي ما زالت "مائدة أباه" مُشرعةُ بالكرم، وشرف الخصومة، ونبل الانتماء والولاء، وما زال صهيل خيل جدّك يٌذكّرنا بمعركة البناء الأولى للدولة في كنف آل البيت الأطهار.
سلامٌ على صبر وجع نشاركك إياه، ودعاء لك في ظاهر الغيب نبادلك هُداه؛ بأن يشفيك ويعافيك، فلا تقنط من رحمة الله، وأم عاطف ما زالت على قيد الحياة؛ وإن كان اللقاء بيننا في سالف الأيام يسيراً، والمشترك بيننا في السياسة والعمل العام نزيراً فأنني والله أحملً لك في الوجدان مكانة ومحبّة، ولبني قومك من الأباة والبُناة الأوائل منهم والحاضرين في القلب تبجيلاً ومودة، وللكرك الهيّة الخالدة في الضمير عرفاناً ومعزّة.
إصبر أبا الليث، وما صبرك إلّا بالله، ولا تبتئس وأنت البارُّ بأمّك وأبيك؛ بررت بتلك السيدة الأميّة، معلمة الوفاء والاستقامة التي ما زالت تعيش خريف عمرها معكم بكل مسالك البرّ والرَّحمة والوفاء، إصبر فإن النَّصر على الوجع صبرُ ساعة، وستعود إلى دعابتك ونبلك وخفّة دمك كما هو أنت دوماً نيبلاً كريماً يختلفون معك ولا يختلفون على دماثة خلقك، وحسن معشرك؛ فإن أحبّ الله عبداً ابتلاه، والمؤمنون أشد بلوة، وهو أرحم الراحمين.
يا ابن عمي في عشق الوطن، لم أكتب فيك حرفاً لم يلامس قناعتي، وما عرفتك ملاكاً ولكنك رجل دولة وابن وطن؛ اجتهدت وأخطأت وأصبت، ولكنك ما حنثت بقسم، وما كنت من روّاد السفارات وأقبية التآمر، وواجبنا أن نشدّ من صبرك وعضدك ذات سحابة صيف ستمر بعون الله مكللة بالشِّفاء أيها المؤابي العتيق، واسلم للوطن والكرك وأخيك الذي حرص دوماً أن تحظى بتقديره من بعيد….