حمادة فراعنة يكتب : الاستفراد الأحادي

في 18/1/2025، وقبل أن يتولى دونالد ترامب سلطاته الدستورية، وقبل استلام رئاسة الولايات المتحدة يوم 20/1/2025، تمكن من فرض قرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أن تجاوب نتنياهو معه، لم يرفض له أمراً أو طلباً، وبقي وقف إطلاق النار سارياً حتى تم إعادة العدوان والهجوم والحرب الدموية من قبل قوات المستعمرة يوم 18/3/2025، إلى الآن، بعد أن فشلت المفاوضات المباشرة بين المبعوث الأميركي أدم بوهلر وحركة حماس، وقد شكل هذا الفشل غطاء سياسياً من قبل ترامب إلى نتنياهو كي يستأنف الحرب الهمجية على قطاع غزة المتواصلة حتى يومنا هذا، بشراسة أعنف.
ورغم التفاهمات التي حصلت بين وفدي الولايات المتحدة وحماس، وأدت إلى إطلاق سراح الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان الكسندر، بُحسن نية من قبل حركة حماس يوم الاثنين 12/5/2025، لم تتلق رداً يُوافي استعدادها للتوصل إلى اتفاق مع حكومة نتنياهو على أساس التفاهمات التي توصلت لها مع الوفد الأميركي: ستيف ويتكوف وآدم بوهلر.
نتنياهو رفض هذه التفاهمات ورفض الاستجابة للطلب الأميركي، ولا يزال مواصلاً عناده وهمجيته وشراسته وعدوانيته العنصرية ضد أهالي قطاع غزة المدنيين، وزاد من شراسته ضدهم ليقول أنا صاحب القرار، ولن تتوقف عمليات الحرب، لأنه ملتزم بالخطة التي وضعتها الحكومة السياسية الأمنية العسكرية المصغرة «الكابينت» والهادفة إلى إعادة الأسرى الإسرائيليين أحياء أو أمواتا، وإنهاء حركة حماس واستسلامها، وقد أدى ذلك إلى استياء الوسطاء القطريين، ورأوا وفق موقع اكسيوس الأميركي «أن فريق التفاوض الإسرائيلي لم يأت إلى الدوحة لإجراء مفاوضات جدية، ولم يقدم جديداً» لأنه لا يملك الصلاحية لتقديم أي ورقة تفاوض، وقد برز انطباع أن «فريق المفاوضات الإسرائيلي أتى إلى الدوحة بهدف إفشال المحادثات»، وإيجاد مبرر إلى نتنياهو، نحو عدم توقف الحرب واستمرارها.
نتنياهو يقبل وقف إطلاق نار مؤقت حتى تتم عمليات تبادل أسرى، وبذلك يسلب ورقة حماس التفاوضية المتمثلة بالأسرى، ومن ثم قد يستأنف حربه على قطاع غزة، ومقابل ذلك تُطالب حركة حماس بوقف كامل لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي من القطاع، بضمانات أميركية، وإعمار ما دمرته قوات الاحتلال.
الفلسطينيون من المدنيين يدفعون الثمن في قطاع غزة، ولا أحد حقاً يقف معهم، يتضامن معهم، أو يبذل جهوداً جدية نحو من يملك ورقة ضغط حقيقية على حكومة المستعمرة، أو على الولايات المتحدة حتى تفرض على نتنياهو وقف حربه غير الإنسانية، غير الأخلاقية، غير القانونية ضد المدنيين، فالرئيس ترامب غير مبالٍ، ولا تعنيه معاناة الفلسطينيين وأوجاعهم، وليست ورقة مساومة تستحق أن يدفع ثمنها.
حركة حماس ترفع شعار «نحن الطوفان، نحن اليوم التالي» ورغم عدم مصداقيته، ولكنها تعكس استمرار تفردها في إدارة الصراع السياسي، ولم تأبه لأهمية شراكة السلطة الفلسطينية في التفاوض إلى جانبها، وبذلك تفتقد النزوع نحو الشراكة بين رام الله وغزة، وهي لا تسعى نحو توسيع قاعدة الشراكة، ولا تعمل على «توريط» السلطة الفلسطينية في المعركة الوطنية ضد العدو الواحد المشترك، بدلاً من التفرد والأحادية السائدة حيث تقدم هدية مجانية للمستعمرة في الاستفراد بقطاع غزة.ــ الدستور