د. ذوقان عبيدات يكتب: لا وقت للنقاش!

بقلم: د. ذوقان عبيدات
في ملتقًى تربويٍّ مهيب، وبرعاية مهيبة، وبمكان مهيب، تم عقد مؤتمر تربوي ذي طابع اقتصادي، وبجدول أعمال ممتد، وبأسماء رفيعة المستوى. تشير منشورات الملتقى بأن الداعم الأساس هو الجامعة الأم، وعدد من الجامعات الرسمية، والجامعات الأهلية، وشركات كبرى! ومن المهم الاعتراف بهيبة المكان، وهيبة الرعايات، وهيبة جمهور أكاديمي واسع، وتقديم إعلامي أنيق! وبتغطية تلفزيونية كثيفة. فالملتقى من الناحية الشكلية، أخذ العلامة الكاملة.
(01)
مقتطفات مُهمّة!
قدّم راعي الملتقى أفكارًا مفيدة، يجدر تلخيصها:
* نحتاج مناهج حديثة وحداثية، تنظر للحاضر، والمستقبل.
* يحتاج طلبتنا مهارات التحليل، والشك، والبحث عن المجهول.
* سؤالنا ليس: هل نطبّق الذكاء الاصطناعي، بل كيف نطبقه؟وما أخلاقياته.
* نحتاج تصدير الذكاء، وتصدير المشروعات، والأفكار الذكية.
* انتهى عهد التعليم المغلق؛ المدرسة المغلقة، الكتاب المغلق، المعلم المغلق.
هذا ما قدمه راعي الحفل، وما كسبتُه أنا من المؤتمر حتى الساعة الثانية عشرة.
(02)
لدينا تعليم جيد!!
هذا ما قاله مسؤول تربوي كبير سابق،وبكل اليقين المعرفي، ومن دون التفات لما قاله راعي المؤتمر،" أكّد" المسؤول ما يأتي:
▪ نحن لا نشهد تراجعًا في التعليم، لكننا نتقدم بسرعة تقل عن سرعة ما حولنا، ومن حولنا، وهذا سبّب فجوة تعليمية واسعة بيننا، وبين غيرنا!
▪ التعليم في الأردن جيد، ولا أحد ينكر ذلك!!!-طبعًا لو الفرصة متاحة لقلت له: أنا أنكر ذلك.!!
وهنا تبدأ مشكلتي:
الواقع يقول: التعليم غير جيد، وأكبر مسؤول طالبَ بإصلاح التعليم، فطلبتنا ليسوا في وضع تحصيلي جيد. وهذا ما تبرزه نتائجنا في امتحانات دولية متواصلة. والجامعات تشكو من ضعف أداء خرّيجي التعليم المدرسي. والتعليم المدرسي يشكو من ضعف أداء خرّيجي الجامعات من معلمين، وغيرهم! فلِمَصلحة مَن نقول: التعليم جيد؟ إن مثل هذا الادّعاء يغلق الباب أمام تطوير التعليم وإصلاحه. فالتعليم الجيد لا يحتاج إصلاحًا!!
(03)
المناهج أوّلًا!
لم يخلُ حديث أحدٍ من المناهج! وزير الدولة أشاد بحركة تطوير المناهج الحالية، حيث نجحنا في تطوير المناهج عبر المركز الوطني للمناهج! وطالب راعي المؤتمر بإحداث تغييرات أساسية، وشاملة في بنية المناهج، والتعليم، والكتاب المدرسي. هناك متحدثة "عارفة" على ما يبدو في المناهج، فقالت:
تم إنشاء المركز الوطني المستقل للمناهج؛ لكي يتحرر من ثقافة وزارة التربية "ثقافة الماضي"، وما هي إلا شهور حتى صار كل مَن في المركز من الفنيّين، وإدارته مستورَدين من وزارة التربية، فعادت ثقافة الماضي بكاملها إلى الكتب، ومناهجها، بل إن إقرار الكتب يتم من وزارة التربية "مجلس التربية" ولذلك: مكانَك سِرْ!!!
(04)
لا فترة للنقاش!
في الأردن ممنوعات وخطوط حُمر كثيرة، مثل: السياسة؛ حقوق المرأة؛ الثقافة المجتمعية؛ الثقافة الدينية؛ العشائرية.. إلخ! لكن هذه أول مرة يتحدث في المؤتمر ثمانيةَ عشرَ متحدثا، من دون وجود كلمة نقاش في جدول أعمال الملتقى ! حصلت مداخلات فاترة جدًا أدنى من مستوى رفع العتب!مع أن الجمهور كان صفوة الأكاديميا
في الأردن!
ما دور الرعيّة في المؤتمر؟ تخيلوا، صفّقنا ثماني عشرة مرة للمتحدثين !! وهكذا عرفنا ما معنى حشد حوالي مائةِ أكاديميّ؛ ليستمعوا، ويعوا فقط!!
فهمت عليّ جنابك؟ّ؟!!