الأخبار

فارس الحباشة : الأردن وغزة، متسولو القضية

فارس الحباشة : الأردن وغزة، متسولو القضية
أخبارنا :  

عندما نكتب، ونتظاهر، ونعتصم، ونصدر بيانات إلى جانب غزة المنكوبة، وما تعاني، وصمود أهلها الأشراف في مقاومة مشروع الإبادة والتهجير القسري، لا يصل منه حرف واحد، ولا كلمة ولا دمعة إلى أهل غزة.

فلا اعتصام الرابية، ولا مسيرة الحسيني، ولا صراخ النواب، يصل إلى غزة، إنه يبقى محشورًا في العبدلي وشوارع الرابية ووسط البلد.

ولا نريد السؤال، أين منظمات المجتمع المدني الأردني، وماذا قدم أثرياء ورجال أعمال «عمان» إلى غزة المنكوبة والمحاصرة من تبرعات نقدية وعينية؟

هي عقلية البزنس، وعقلية المجتمع المدني، والتي تبقى في حدود التمظهر دون أن يصل الموقف إلى حافة الجيب والمحفظة، ورصيد البنك. يجلس أمام شاشة التلفزيون يذرف دموع تماسيح. وبعد النضال التلفزيوني ونضال الفيسبوك، ونضال المظاهرات، يعد العدة إلى رحلة للعقبة أو إلى البحر الميت أو حفلة شواء، وأرجيلة، ولزوم ما يلزم إلى سهرة طويلة، وتستمر حتى الصباح في ليالي الصيف الحار. لا أحد في العالم العربي والإسلامي قدم لغزة والفلسطينيين بقدر الأردنيين.

في كل شهر رمضان، أوزع ألف «طرد» على عائلات مستورة وفقيرة في الكرك. رمضان الماضي لم يصل الكرك طرد خير واحد، وطرود الخير تم إرسالها إلى غزة.

وما أحوج الناس في الكرك ومحافظات الجنوب إلى طرود الخير في رمضان. وأعرف عائلات في الكرك وقرى الجنوب من عام لم يأكلوا دجاجا، وينامون على أمعاء خاوية. وكلما قُصفت غزة، ورأينا مئات الشهداء والأطفال والشيوخ والنساء، هناك كاسب وحيد، هو التحالف الأمريكي/الإسرائيلي. كل مبادرات التهدئة تبخرت، والدول الإقليمية الراعية، هي غير متهمة بالإبادة والقتل، والتهجير، وأكثر ما يهمها هو أخبار من بخار عن غزة والتهدئة ووقف إطلاق النار.

في الأردن، الإخوان المسلمون جن جنونهم، وفي أيام جمعة خرجوا إلى الشوارع مقنعين ومرتدين ملابس سوداء ليواجهوا الدولة الأردنية، والجيش والأمن العام.

وقطعوا الطرقات، وكسروا سيارات المواطنين، واعتدوا على الأمن والجيش. وسمعت في فيديوهات متظاهرين يحتجون، يرمون حجارة، ويهتفون الله أكبر ضد الدولة الأردنية.

نضال فصائلي لا يخدم غزة، ولا يخدم أهل غزة الصامدين والمقاومين، ولا يوقف الإبادة الإسرائيلية، ولا يردع المشروع الأمريكي/الإسرائيلي.

الأردن ليس ساحة، وليس دولة رخوة وفاشلة، والأردن ليس مطرحًا وساحة للفصائل. ومن أول يوم في حرب غزة، الدولة كانت سبّاقة في تضميد جراح غزة، والأردنيون الفقراء والبسطاء في المحافظات من أبناء العشائر سارعوا إلى تقاسم لقمة العيش والمعونة مع الغزيين. وبوابة الإغاثة العربية والإسلامية انطلقت من الأردن. واجتهد الأردن ولعب دورًا إغاثيًا وإنسانيًا كبيرًا، ودون ممارسة رياء وكذب ومراهنة ومهاترة وبيع مواقف واستعراضات ومزايدات سياسية.

الذين يغتالون ويبخسون موقف الأردن ودوره من حرب غزة وفلسطين وقضايا العرب، وما أكثرها، هم «الخفافيش»، ومن يصفقون ليلا لطائرات الاحتلال الإسرائيلي، وهي تقصف غزة ومخيماتها، ويزودونها بالإحداثيات النفسية والميدانية في القطاع المنكوب والمحاصر. تشعر بالحرج والغضب إزاء كل ما يقال ضد الأردن. ولأننا نعرف أن كل ذلك ما هو إلا تسول إعلامي وسياسي في شبابيك الإبادة الفلسطينية، والأردنيون ليسوا جزءًا من المتسولين. وفلسطين بالنسبة للأردن قضية وجود.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك