الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : داخل أروقة إيباك

اسماعيل الشريف يكتب : داخل أروقة إيباك
أخبارنا :  

يا أعدل الناس إلا في معاملتي... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم-المتنبي
أقال ترامب مستشار الأمن القومي، مايك والتز، عقب فضيحة «تلغرام» التي تفجّرت بعد أن أضاف صحفيًا إلى مجموعة دردشة كانت تناقش خططًا سرية ومعلومات حساسة. كما نسّق والتز مع الصهاينة بشأن خيارات عسكرية ضد إيران، في وقتٍ يعمل رئيسه على الحلول السلمية، ورغم ذلك، تتداول الأوساط السياسية أنباءً عن نية ترامب تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة!
ها قد عرفنا لماذا أُقيل من منصبه، لكن كيف يُعيَّن، ولماذا يُرشَّح ليكون سفيرًا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة؟ فذلك فصل آخر من الحكاية، له حيثياته وخلفياته.
في شهر شباط الماضي، عُقد مؤتمرٌ للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) تحت عنوان «قمة الكونغرس»، شارك فيه أعضاء من مجلسي الشيوخ والنواب، إلى جانب عدد من الساسة الأمريكيين. وتُعد «إيباك»، كما هو معروف، أكبر جماعة ضغط في الولايات المتحدة، مكرّسة بالكامل لخدمة المشروع الصهيوني، وتحظى بنفوذ واسع داخل أروقة الحكم الأمريكية.
وبعد أن أُطفئت الكاميرات، تسرّب تسجيلٌ صوتي نشره موقع «ذا غراي زون» الإخباري، وهو موقع موثوق ومهني. في هذا التسجيل، يتحدث إيليوت براندت، رئيس «إيباك»، مستخدمًا تعبير «وصول خاص» إلى كبار المسؤولين في إدارة ترامب، من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومدير الاستخبارات الوطنية جون راتكليف. ويشير براندت إلى أن هؤلاء المسؤولين «يرتبطون بعلاقات مع قادة إيباك»، وأن المنظمة تعتبرهم بمثابة «شرايين حياة» داخل الإدارة الأمريكية.
ثم تنضم دانا سترول إلى النقاش، وهي أعلى مسؤولة مدنية سابقة في وزارة الدفاع خلال عهد بايدن، لتؤكد أن «الدفاع عن إسرائيل» يُعدّ ضرورة استراتيجية داخل الحكومة الأمريكية، ويشكّل أولوية قصوى. وتُبدي سترول قلقها من محاولات السيناتور الأمريكي اليهودي بيرني ساندرز، المعروف بموقفه المعارض لسياسات الولايات المتحدة في دعمها غير المشروط للكيان، وسعيه الدؤوب لمراجعة المساعدات العسكرية للدولة المعتدية. وتُطالب بأن تبقى هذه النقاشات سرية، لأن مجرد طرحها علنًا قد يُلحق ضررًا بمصالح الكيان.
ويتحدث شخصٌ آخر لم تُحدّد هويته، مشيرًا إلى أن الأكاديميين المؤيدين لفلسطين يشكّلون خطرًا كبيرًا على الصهاينة، كونهم يُعدّون مرجعية في مجال الذكاء الاصطناعي، ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في السردية السائدة. ولهذا – على حد تعبيره – «يجب قمعهم».
ويتفاخر أحد الحضور قائلًا إنّ كل عضو في الكونغرس تربطه علاقة بأحد مديري لجنة «إيباك». ويؤكد رئيس «إيباك» هذا الادعاء خلال كلمته في المؤتمر، إذ قال: «كما تعلمون، التقيت رجلًا يُدعى جون راتكليف عندما ترشّح لأول مرة لعضوية الكونغرس، وكنت آنذاك موظفًا في إيباك. وقد رأينا أنه قادر على هزيمة منافسه في دالاس، وها هو اليوم يشغل منصب مدير الاستخبارات الوطنية.»
وتتفق قيادة إيباك على أن أكبر خطر يواجه الصهاينة اليوم هو خسارتهم لحرب الأفكار أمام مجموعة من المؤثرين والأكاديميين، لا سيما في أوساط الجيل الجديد. وتُقرّ بأنّه في المستقبل، ستكون «إسرائيل» في مرمى نيران الكونغرس، وقد تبدأ بالظهور قيود تحدّ من تسليح الكيان.
وقد حضر الاجتماع مجرم الحرب نتن ياهو، وألقى فيه كلمة، إلا أن المناسبة لم تحظَ بأي تغطية إعلامية تُذكر. وكانت التعليمات للمشاركين واضحة: «أخفوا إشاراتكم عند الخروج من المؤتمر، فمناهضو الحرب يقفون أمام قاعات الاجتماع.»
يكشف لنا هذا التسريب حقيقة دامغة: أن الكثير من كبار الساسة الأمريكيين يلوح شبح تعيينهم من قِبل «إيباك»، ولهذا فهم، في مواقفهم، ليسوا سوى نسخٍ من نتن ياهو؛ إذ تربّوا في دهاليز «إيباك»، وتلقّوا أموالها، ثم أوامرها. ومع ذلك، فإنني على يقين بأن الصورة ستتغيّر في المستقبل، عندما يصل إلى الحكم جيلٌ تربّى على مشاهد أشلاء أطفال غزة؛ جيلٌ لم تعد تنطلي عليه أكاذيب «إيباك»، ولا الروايات الملفّقة التي تُستخدم لستر الجرائم باسم التحالف والشراكة. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك