القس سامر عازر : صائرين أمثلةً للرعية..

القس سامر عازر
يصادف يومَ غدٍ الأحد "أحد الراعي الصالح"، وكثير من الكنائس تسميت بهذه التسمية تيمنا برئيس الرعاة العظيم، المثال الصالح في رعاية الرعية، والمستعد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل سعادتهم وسلامتهم،
فلا يَسمح أن يصيبهم مكروه أو شبه شر، بل يسهر الليالي الطوال على راحتهم ويعطيهم الكثير الكثير من تعبه وجهده وتفكيره وسعيه لكي ما يحافظ على الأمانة التي أوكلت إليه،. وهذه الأمانة ليست من غير حساب، بل كل من ائتمن على شيء أو على رعية ليرعاها سيقدم يوماً حسابا على أمانته في القيام بواجبه تجاهها لأنها مسئولة منه، وإلا لماذا ارتضى طواعية أن يرعاها وأقسم بذلك؟ ولماذا تخلى عن الربح القبيح في سبيل ربح ما هو أعظم وأوفر؟ ولماذا ينبغي أن يقدم أروع الأمثلة في الوقوف في الصفوف الأولى متصديا للأخطار وللذئاب الخاطفة التي تحاول أن تفتك بالقطيع؟
إن كل ذلك لأنه اختار طواعية أن يكون ناظرا أي مشرفا ومعنيا بحياة من ائتمن عليهم، وتقديم الدعم والإرشاد والنصح في سبيل توجيههم للسير في الطريق السليم، عالما أن أجره السماوي هو إكليل المجد الذي لا يفنى، تاجاً مرصّعا بأثمن الجواهر واللآلئ وأجملها، لأنه حمل الأمانة ووفى بالوعد والعهد، وفي اللحظات المفصلية عرّض حياته للخطر في سبيل من هم بعهدته.
مجتمعاتنا تحتاج لهذا النموذج من الرعاية في كافة المجالات، فمن وضع نُصبَ عينيه حب السيطرة والغرور سيفشل لا محالة فشلا ذريعا وسيبدد الرعية، ومن استغل منصبه لتحقيق الربح غير المشروع فستتكشف حقيقة نفسه، ومن ارتضى تكليفه من غير دعوة ربانية فلن يفلح في مهمته لانَّ العمل والخدمة دعوة قلبية وارتضاء نفسي لتقديم أفضل ما يمكن من عمل وجهد، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وأجمل ما في الموضوع هو العلاقة الجميلة المتبادلة بين الراعي والرعية. إذ يخبرنا القديس بطرس الرسول عن مبدأ الخضوع، ولكنَّ هذا الخضوع هو خضوع متبادل في المحبة، فهو خضوع الثقة واليقين بتحقيق الوحدة الروحية لانه خضوع متسربل بثوب التواضع.
وهناك الطوبى لمن يخدم بأمانة واقتدار لانه لن ينال تكريم رعيته فحسب.. بل سينال إكليل المجد الأبدي الذي لا يفنى. بمثل هذه العلاقة المتبادلة المبنية على التواضع، وبهذه الخدمة الصادقة والأمينة تُصان المجتمعات وتنمو.