إبراهيم قبيلات يكتب : من سوريا إلى غزة.. الكيان وإستراتيجية تفكيك الجسد العربي

إبراهيم قبيلات
تصريحات وزيرالمالية الإسرائيلي المتطرف "بتسلئيل سموتريتش" ليست مجرد تهديدات عابرة، بل خلاصة رؤية استعمارية تكرَّسَتْ منذ عقود:سوريايجب أن تظل مُفكَّكة، وإيران مُجَرَّدة من أي قوة ردع، وغزة "مُعَقَّمة" من حماس وشعبها. هذا الثالوث ليس شعارات، بل خارطة طريق تعمل عليها آلة الحرب الإسرائيلية بدعمٍ غربيٍ مُطلَق، وبأدواتٍ تتراوح بين القصف المباشر واستغلال الانقسامات الطائفية.
ففيسوريا، حيث يُعلن الكيان عن غاراتهالجديدة"دفاعًا عن الدروز"، تُختزل المأساة السورية في لعبةٍ دموية: إسرائيل تريدسورياساحةً مفتوحةً للصراع، لا دولةً موحَّدة. النظام السوري، رغم تنفيذه شروط المجتمع الدولي، يظل في نظر الكيان عدوًّا يجب ألَّا ينهض، فسورياالمستقرة تعني قلبًا عربيًّا نابضًا قد يُعيد تشكيل موازين القوى. وهنا تكمن المفارقة: ما يسميه الكيان "حماية للأقليات" هو ذريعة لتكريس التفتيت، تمامًا كما فعل مع ورقة الأكراد في شمالسوريا.
أما إيران، فليست "المخاطر النووية" سوى وَهْمٍ تبيعه إسرائيل للعالم لتحويل الأنظار عن مخالبها هي. فهدف الكيان الحقيقي هو شلُّ أي قوة إقليمية قد تُوازن هيمنته، حتى لو اضطر إلى اختراع أعداء جدد. وفي غزة، تتحول كلمة "التطهير" إلى فعلٍ ميداني: تهجير الفلسطينيين ليس مجرد انتقام من حماس، بل محوٌ كاملٌ لفكرة المقاومة، وتحويل القطاع إلى سجنٍ كبير بلا سجناء.
المشهد لا يكتمل دون الوقوف عند الدور الأمريكي، الذي تجاوز كونه "دعمًا" إلى تواطؤٍ صريح. فالدب الصهيوني في واشنطن لا يكتفي بسرقة الأراضي، بل يصنع أزماتٍ اقتصاديةً وهميةً في الدول العربية، ويُغذي نزاعاتها الداخلية، حتى تُصبح الشعوب العربية مشغولةً بصراعاتها عن مواجهة الاحتلال. الخراب العربي، بهذا المعنى، ليس مجرد نتيجة حتمية لضعفٍ داخلي، بل مشروعٌ صهيوني تُديره ماكينات إعلامية وسياسية وعسكرية بلا توقف.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل يُدرك العرب أن استقرارهم قوة، وأن وحدتهم سلاح؟ التاريخ يقول إن إسرائيل تُحارب دائمًا الفكرة قبل الأرض، وتخشى العرب حين يتوقفون عن لعبة "التناحر الداخلي". فالمواجهة الحقيقية تبدأ بوعي اللعبة، وبإعادة بناء الذات قبل استعادة الأرض. ــ نيسان