الأخبار

صالح الراشد يكتب : "إن عشت فعش حراً" ..حُلم يُرعب الكثيرين

صالح الراشد يكتب : إن عشت فعش حراً ..حُلم يُرعب الكثيرين
أخبارنا :  

صالح الراشد

أخطأ الفيلسوف اليوناني أفلاطون حين قال: "لو أمطرت السماء حرية، لرأيت بعضهم يحملون المظلات"، أخطأ في استخدامه لكلمة "البعض" كونه لم يتوقع أن يصل الخذلان والعبودية في أي من العصور لما وصل إليه الآن، وإلا لاستخدم مصطلح "الغالبية"، لتصبح مقولته أكثر مصداقية وتمثيلاً للواقع الكارثي الذي يمر به العالم أجمع بعد أن أماطت غزة اللثام عن الجميع وجعلتهم عراياً، لتظهر سوءة العالم بشكل عام والإسلامي والعربي بشكل خاص في رضاهم بالعبودية لتناسيهم بأنه مهما ارتفع وغلا ثمن الحرية فإنه يبقى أقل وأرخص من ثمن العبودية .

ولم تدرك شعوب العالم أن الحرية فطرة طبيعية يولد عليها الإنسان فيما العبودية مذهب يتبعه الباحثون عن المصالح والمناصب، لنجد أن كل من رضع من ثدي الذل والمهانة يعتبر الحرية خراباً وشراً، لذا حين وشى راعى أغنام بالمناضل العظيم أرنست تشى جيفارا، سأل أحدهم الراعى الفقير: لماذا وشيت عن رجل قضى حياته فى الدفاع عنكم وعن حقوقكم؟ فأجاب: كانت حروبه مع الجنود تروع أغنامى، ليعيش الكثيرون كالأغنام في حمى الراعي رافضين للحرية التي يرفضها الراعي أصلاً، فيما مانت رسالة غيفارا بنضاله أن الباحثين عن الحريّة لا ينتظرون شيئاً في هذه الحياة سوى حقهم في أن يكونوا مختلفين عن الآخرين.

إن الحصول على الحرية ليس هبة ولا مكافأة ولا ينالها المواطن والوطن بقرار من الأمم المتحدة ولا من الأسياد، بل يتم نيلها دفعة واحدة وبصلابة الرجال وتضحياتهم، والحرية المنشودة لا يتم نيلها على جرعات كما تدعي الحكومات الغربية الراغبة في استغباء الشعوب لاستعبادهم، وتريد منحهم الحرية على طريقة صعود درجات السُلم مدعية بأنهم غير ناضجين للتعامل مع الحرية، متناسين أن الإنسان إمّا أن يكون حراً أو لا يكون، ولا حل وسطي بينهما كون أصل الفكر أن يدرك المستعمرون الجدد والحكومات الديكتاتورية بأن من حق الشعوب أن تكون حرة بمقدار حرية المستعمر وأصحاب السلطة.

إن أبشع المشاهدات تتمثل بوجود أشخاص تهابهم الناس لكثرة أموالهم ومناصبهم لكنهم يسبحون في مستنقع العبودية بكل تلذذ ومتعه، ليرفض هؤلاء الحرية مهما كان نوعها متمسكين بالسيد الخارجي والداخلي ليفكر ويقرر عنهم، ليكون تصلب هؤلاء في العبودية سلاح المستعبد في إحكام قبضته على الآخرين رغم أنهم يسكنون ذات الأرض ويظلهم ذات السماء لكنهم رضعوا من أثداء مختلفة، ويبرز الفارق بينهما أن طُلاب الحرية لا يأنفون من سكن المعتقلات والسجون ويعتبرونها بضيقها أوسع بكثير من المزارع الغناء والقصور الفارهة ، لذا نجد أصحاب الفكر الراشد النهضوي إما في القبور أو السجون، وطلاب العبودية في الأراضي يسرحون وللمناصب يعتلون.

آخر الكلام:

مهما كانت الإغراءات للطائر الحر لدخول قفص العبودية الباذخ لن يدخله وسيظل يردد كلمات الشاعر الفلسطيني سميح القاسم حين قال:
إن عشت فعش حرا
أو مت كالأشجار وقوفا
وقوفا وقوفا.. وقوفا كالأشجار
وارمي حجرا في الماء الراكد تندلع الأنهار

مواضيع قد تهمك