الأخبار

محمود الزيودي يكتب : حكايا عن المخابرات 5 - 7

محمود الزيودي يكتب : حكايا عن المخابرات 5  7
أخبارنا :  

* القزحة وبنت العتروس

ذات حين وردت معلومة عن تاجر باع أكثر من عشرة صاعات قزحة (حبة البركة) تعرفت المخابرات على المشتري ووجدت انه لا علاقة له بصناعة الخبز والكعك.. لماذا قزحة تكفي لتجميل عشرة آلاف رغيف وكعكة؟؟ جرت متابعة الرجل الذي اشترى مزيدا من حبة البركة وسماد نترات الأمونيوم.. يخزن كل هذا في حوش كبير جدرانه عالية وبوابته مغلقة دائما.. تحركت العيون والآذان لترصد آخرين يشاركون الرجل تصنيع المتفجرات من حبة البركة وسماد نترات الأمونيوم الذي يتوفر في الأسواق لحاجات أصحاب الأفران والمزارعين..

فوجئ الأردنيون ذات مساء بالعصابة تدلي باعترافاتها أمام كاميرا التلفزيون.. متفجرات وصواعق وسيارات شاحنة ثقيلة يصعب اعتراضها بطريقة عادية.. في محكمة امن الدولة حيث مثلت العصابة عرف الأردنيون ماذا سيحل بوطنهم لولا وعي وانتباه وسهر المخابرات.. ولكن الامن والسلام لم يدوما طويلا.. يوم 9 / 11 / 2005 فجع الأردنيون بثلاثة تفجيرات كبيرة في ثلاثة من فنادق عمان المصنفة خمسة نجوم.. كان الضحايا أردنيين يحتفلون بعرس وعشرات نزلاء الفنادق من جنسيات مختلفة.. حوالي 60 ضحية غير الجرحى. منهم المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي اخرج أفلام الرسالة وعمر المختار وابنته التي جاءت لمقابلته في عمان.. ومدير المخابرات الفلسطينية بشير نافع..

الإرهابيون أربعة عراقيين مات ثلاثة منهم بالاحزمة الناسفة التي ارتدوها.. لم يفلح التفجير مع ساجدة مبارك عتروس الريشاوي فتسللت الى السلط حيث بيت زوج شقيقتها.. شك السلطيون بالمرأة فجاءت المخابرات والتقطتها..

قطع جلالة الملك عبدالله الثاني زيارته الى كازاخستان وعاد الى ارض الوطن.. قال الملك سوف تطال العدالة كل المجرمين.. مرت سنوات والملك يحيي مع شعبه ذكرى شهداء الفاجعة.. كان أحمد الفضيل النزال الخلايله الشهير بأبي مصعب الزرقاوي قد أرسل الإرهابين من العراق لإيذاء وطنه..

في عام 1999 أصدر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في بداية عهد المملكة الرابعة عفوا عاما عن السجناء في المملكة ومن بينهم أحمد الفضيل الذي أمضى سبعة سنوات من اصل 15 محكوم بها بسبب نشاطه الإرهابي.. كان بإمكان المخابرات العامة أن تستثنيه مع آخرين من الافراج.. ولعلها رغبت أن تعطيه فرصة للإندماج في مجتمعه. سيما وهو ابن رجل فاضل ومن قبيلة كبيرة (بني حسن) اشتهرت بالالتفاف حول العرش. وانتظم الآلاف من ابناءها في سلك الجندية الجيش والامن العام والمخابرات العامة.. تتبعته العيون في حياته اليومية ففر الى أفغانستان ثم ايران ثم العراق حيث أسس تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.. قادت التحقيقات مع ساجدة الريشاوي الى زياد خلف رجا الكربولي مسؤول الغنائم في تنظيم القاعدة.. طار فرسان الحق من المخابرات العامة بالطوافات الى منطقة الطريبيل وجاؤوا به الى عمان.. حكم عليه بالاعدام مع ساجدة الريشاوي.. قاد التحقيق معه الى موقع الزرقاوي في العراق.. ذات مساء متأخر سمع العالم عن مقتل أحمد الفضيل النزال الخلايله في ما يسمى قيادة القاعدة في بلاد الرافدين..

اغرب ما روي عن ساجدة الريشاوي أنها كانت تسأل السجانات يوميا.. متى يسفروني للعراق؟؟ كثرت الاشاعات عن طريقة دخول المتفجرات مع ساجدة الريشاوي ورفاقها.. في زمن الحادثة لم تكن الحدود الشرقية والشمالية مراقبة ومحروسة كما هو حالها اليوم.. كانت حركة العراقيين الى عمان سهلة لدوافع إنسانية بالدرجة الأولى.. ولم تكن مراكز الحدود والمطارات مزودة بأجهزة الأشعة الحديثة التي تظهر محتويات الحقائب دون فتحها ونبش محتوياتها.. ومع هذا فلكل صارم نبوة ولكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة..

كان جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين قد علق تنفيذ أحكام الإعدام في المملكة.. دافع محامي ساجدة انها لم تتسبب في قتل أحد ولديها 3 أطفال صغار السن يعيشون مع أقربائها... لا تنفذ أحكام الإعدام في الأردن الا بتوقيع الملك على قرار الحكم بالتنفيذ.. للملوك الأردنيين حكاية مع أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم وتمر بمراحل الاستئناف والتمييز.. حتى الآن ومنذ اعتلاء المغفور له الملك الحسين بن طلال لم ينفذ حكم الإعدام بمحكوم بجريمة سياسية... حتى المحكومين بجريمة محاولة الاعتداء على حياة الملك... ولم يكمل أي محكوم بجريمة سياسية مدة عقوبته في السجن... كان الحسين يتجنب توقيع أحكام الإعدام حتى بجرائم القتل مع سبق الإصرار والترصد... وكثيرا ما كان يحث الوجهاء وشيوخ القبائل للتوسط بالصلح العشائري على جريمة القتل لتخفيف العقوبة من الإعدام الى السجن.. اذا لم تنجح مساعي الوسطاء ولا بد من تنفيذ الحكم تجنبا للثأر من أهل القاتل.. كان توقيع الحسين. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ...

فجع الأردنيون بحرق الطيار معاذ الكساسبه الذي هبط بالمظلة بعد إصابة طائرته ووقع بيد داعش.. في اليوم التالي اعدمت الأرملة ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي..

مواضيع قد تهمك