صالح الراشد يكتب : الإنسانية تموت في عصر التُجار

صالح الراشد
انتقل العالم من الحس الإنساني والحفاظ على كرامة البشر إلى الربح المالي التجاري، لنجد أن الكثير من الأوطان والمواقف أصبحت للبيع بالتراضي أو بالغصب، وتزايد الفُجْر التجاري منذ تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة والعالم، ليتم وضع العديد من الدول في ميزان التجارة وكانت البداية بفلسطين التي تفتقد لظهر عربي إسلامي عالمي يدعمها، ثم انتقلت حمى التملك لجزيرة غرينادا وكندا وقناة بنما، لنجد أن العالم معروض في المزاد العلني ولمن يملك القوة وقادر على دفع المال، لتصبح الأراضي الاوكرانية معرضة للتقسيم بين المحتل العسكري الروسي والمحتل الاقتصادي الولايات المتحدة.
وليس بغريب من عالم القوة والقهر التعامل مع الدول على أنها ليست بذات استقلالية ومن الممكن نقل ملكيتها لمن يملك السعر المناسب، ولكن المدهش والمؤلم أن الرئيس ترامب يريد شراء دماء الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين بمنع السلطة من دفع رواتب لعائلات الشهداء والأسرى، ولتحقيق هذا الهدف رَبَطَ الدعم المالي الأمريكي بصدور قرار بوقف رواتب أبطال فلسطين وإلا فإن الدعم سيتوقف، ليجد ترامب استكانة وخضوع من السلطة الفلسطينية لتُصدر موسوماً بإلغاء المواد القانونية المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، وهذا طلب أكد عليه ترامب في ولايته الأولى كما طالب به حينها نتنياهو.
ومنذ سنوات طوال يحاول الكيان الصهيوني قتل روح العزيمة عند الفلسطينيين بفرض الحصار على عائلات الشهداء والجرحى والأسرى ليشعرهم بأن ما يفعلونه لن يحقق الحرية لفلسطين ولزراعة الخذلان عند بقية الشعب، لذا حاول ترامب ونتنياهو قبل ثمانية سنوات تمرير قرار بوقف الرواتب لتقوم السلطة عقب ذلك بتخفيض رواتب الشهداء والجرحى والأسرى لتصل حسب القانون الجديد لربع الراتب القديم ولا يتم دفعها شهرياً، والمتتبع لمسيرة السلطة في العقد الأخير يجد أنها تنفذ أي طلبات وقرارات للحكومتين الصهيونية والأمريكية وتستجيب لأي ضغوط خارجية، وهو ما أضعف موقف السلطة أمام دول العالم وبالذات الدول العربية التي وجدت السلطة ترتمي بالحضن الصهيوأمريكي، ولم تقم بأي دور مؤثر لدعم غزة خلال العدوان الذي لم ولن يتوقف بل كانت مواقفها أقرب للموقف الصهيوأمريكي.
لقد كان على السلطة أن تحترم دماء الشهداء و آهات الجرحى ومعاناة الأسرى وعائلاتهم كونهم طريق التحرير بعد فشل المفاوضات بين الكيان والسلطة وعدم تقدمها في أي من الاتجاهات، لتختفي منارات الحق الفلسطيني بمفاوضات عبثية كان فيها الصهاينة دوماً الأقوى ولا يوازي قوتهم إلا الشهداء أكرم من في الدنيا و أنبل بني البشر كونهم يصنعون الحريّة والكرامة للشعب الفلسطيني، فيما الجرحى يتحولون لوزراء إعلام والأسرى سفراء فوق العادة يدافعون عن قضيتهم الأنبل في العصر الحديث وصمود عائلاتهم رسالة بقاء وتجذر في فلسطين، لذا فإن أي تقصير فلسطيني إرضاءً للكيان والولايات المتحدة يعتبر خذلان لفلسطين وتاريخها ومستقبلها.
آخر الكلام:
ان استلام أموال المقاصة والدعم الأمريكي لا يبنيان دولة، فالدول الحرة تُبنى بدماء الشهداء وليس بالمفاوضات والمتخاذلين، ولم يبقى حلول لدى فلسطين إلا بالشموخ ومواجهة صفقة القرن الجديدة حماية لجميع فلسطين فيما ما يجري من عمليات اتفاق على بيع الدم مجرد حماية للجالسين على كراسي من نار.