الأخبار

بشار جرار : تلفزيوننا وإعلامنا

بشار جرار : تلفزيوننا وإعلامنا
أخبارنا :  

الأصل هو المُلكية. منها ينبثق الفرع الأهم، الهوية.. قبل سبعة وخمسين عاما، يكفي أن تقول التلفزيون حتى يعلم القاصي والداني أنك تعني الأردني. من الأبيض والأسود إلى الملون، من البث الموحد إلى المتعدد، من لاقط الهوائي «الآنتين» إلى الأطباق الفضائية فتطبيقات الهواتف والألواح الذكية تعلم من الصوت قبل الصورة أن المتحدث مضيف أم ضيف أردني وأن الحوار في قضية أردنية حتى وإن كان المتحدثون يحللون الجذور الحقيقية للصراع بين أرمينيا وأذربيجان، فكلا البلدين صديقين لا بل وشقيقين، فلا ننسى أن من بين الأردنيين حتى النخاع أردنيون أرمن من ضمنهم من حفظ عبر عدسته أجمل صور الحسين العظيم طيب الله ثراه وكتب مقامه في عليين.

ذاكرة الناس قوية ووعيهم أكبر والضمير حي بعون الله والحامدون الشاكرون الأوفياء الأنقياء لا يرون ذبابا الكترونية ولا دبابير السايبر. بين ظهرانينا إخوة أتوا ضيوفا كراما من خلف حدود دول شقيقة اعتقلت في زمن مضى من تم ضبطه متلبّسا أثناء إعادة توجيه «الأنتين» لالتقاط عمّان. يعدل يمينا ويسارا من فوق السطوح «سقف» البيت أو العمارة حتى يسمع من النافذة أحد أهل بيته يقول: جاءت عمّان والصورة طَبِع.

لا حاجة لمتخصص للقول بأن الميزة الأردنية هي كما في ميادين كثيرة ميزة نوعية. «الآيزو» الأردني يقوم قبل كل شيء على الجودة. قد يحرق تاجر طارئ أو سمسار جشع أو وسيط متنكر في لبوس إعلامي أو ناشط أو مؤثر، قد يحرقون الأسعار في سوق يقبل الجميع، لكن المستهلك، المتلقي الذواق، المتفاعل الاتصالي «الصاحي» يعلم في نهاية المطاف كيف يميز بين الغث والسمين.

تبقى صناعة المحتوى هي الأساس. سرعة الوصول ومديات التغطية كلها أمور مقدور عليها. تأطير هذا المحتوى لا يقل أهمية فكم من لوحات ثمينة ظلمها الإطار غير اللائق بها وكم من الصور الفوتوشوب سرّ بها الناظر بإطارها الذهبي المرصع بالزيريكون الذي حسبه الجاهلون ألماسا!

في العيد السابع بعد اليوبيل الذهبي لمؤسستنا الأم، كل عام وإذاعتنا وتلفزيوننا بخير، كل عام وإعلامنا الأردني الوطني بألف خير. القادة المؤسسون، البناة الأوائل أكبر من أن يشار إلى أسمائهم فأعمالهم خلدت ذكراهم العطرة. كلما التقيت زميلا من جيلي أو ممن سبقنا وتبعنا في شرف الخدمة لا نذكر فقط الصف الأول من الإعلاميين والإداريين بل تفاصيل التفاصيل من موظف الشؤون المالية أيام استلام الراتب عدا ونقدا وفراطة باليد وإخوتنا في كنتين المؤسسة وعمال الحديقة التي حفظت لنا تراث المدير العام الأول «مستر» محمد كمال رحمة الله عليه والذي خدم سفيرا للمملكة هنا في واشنطن.

مازالت الأيام تثبت أن الإعلام ليس من القوى الناعمة فحسب للدولة والوطن والعرش بل أحد أقانيم الهوية والرسالة. لضمان ذلك الملكية التي بدأت بها سطور العرفان والامتنان لا يصح أن تكون إلا للدولة لا بمفهومي شمولي أو قطاعي كقطاع عام بل بمفهوم وطني عمومي يمثل الدولة وحدها، لا الحكومة ولا البرلمان ولا القضاء ولا الرأي العام الذي جعل البعض منه إلها يعبد أو صنما يتقرب به من آلهة وأنبياء كذبة، إعلامنا الذي نحب ونستحق هو إعلام وطني متنور يعمل في خدمة الوطن الأردني والدولة الأردنية فقط لا غير دون التفات لربح أو خسارة فالإنفاق على الإعلام بسخاء وأمانة إنما هو في صميم موازنتي الدفاع والاستثمار. الدفاع عن الحاضر والاستثمار في المستقبل.. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك