الأخبار

حسين بني هاني : جبهة العمل الإسلامي إلى أين؟

حسين بني هاني : جبهة العمل الإسلامي إلى أين؟
أخبارنا :  

حزبٌ خرج من رحم الجماعة بولادة سهلة ، ولَبِس عباءتها ، واستلهم افكارها وبنى حاضره بل مستقبله ايضاً على مجدها ، ودافع ولا يزال يدافع عن مبادئها، ولا أظن أن أحداً في الحزب بوسعه أن ينكر ذلك .

لابأس ، هذا حقهم الذي لا يستطيع أحد أن ينكره عليهم ، فمبادئ الإسلام عظيمة ، وتستحق التبنّي والاهتمام ، ولكن بعض قيادات الحزب ، كان يدرك مبكراً ، أن حسابات العقيدة ليست مثل حسابات السياسة، وان معطيات الاخيرة شبكة من المصالح لاتشبه فروض الدين ، وكانوا يعرفون ذلك تماماً ، وأن مرجعيتهم قانون الأحزاب ، وليس تعاليم المراقب العام للإخوان في الأردن ، أو المرشد الأعلى للجماعة خارج البلاد .

هنا كانت المساحة التي غابت فيها الرؤيا وعجزت عنها الفتوى ووقع فيها المحظور وتفاقمت عندها المشكلة ، عندما لم يلتقط عقلاء الحزب ، اللحظة التاريخية التي وفّرها لهم قانون الاحزاب ، في العقد الأخير من القرن الماضي ، وحين لم يتوفر لدى قادة الحزب الشجاعة الكافية ، لترسيم الحدود الفاصلة بينهم وبين الجماعة ، وحين لم يكن لدى الاخيرة الاستعداد اصلا لولوج هذه التجربة ، باعتبارها الأم وصاحبة الفضل والسلطة ، في ما حققه الإسلام السياسي على الساحة الاردنية ، كونها مرجعيتهم الأصيلة التي لا غنى لهم عنها .

تلك بظنّي ، كانت المساحة الضيقة التي حُشِر فيها قادة الحركة الإسلامية ، عشية تأسيس الحزب ، حينها وقف قادة الحزب عند مفترق طرق ، بين تلبية شروط قانون الأحزاب ، وبين إملاءات امهم الرؤوم (الجماعة) ، حينها أيضاً، ومنها نشأت قصة الحمائم والصقور ، عندما رفض متشددوا الجماعة دعوة المعتدلين إلى كلمة سواء بينهم على الساحة الاردنية ، هناك وقع الشقاق ، بعد أن حدّد وأصرّ النافذون منهم ، أن هوية التنظيم ومرجعيته هي الأهم وهي موطن الخلاف مع المعتدلين ، وهو ما أدى لانشقاق الجماعة عام ٢٠١٥ ، خاصة حين بدا واضحا أن تركيبة مجلس شورى الجماعة، كان لصالح مكاتب الاخوان في الخارج ، المحسوبين على خط حماس ، معتبرين الاردن ساحة وليس وطناً ، بل سعة من الامتداد والنفوذ التنظيمي لحركة حماس ، ولم يتّعضوا من قرار الحكومة، إبعاد قادة حماس من الأردن ، وأبعاد ذاك القرار عليهم ، بل بالغوا في عملية الربط بين الجناحين، ومضوا فيه إلى ابعد الحدود ، وهو ماتجلّى فعليا خلال حرب غزة ، إذ بدا أعضاء الحزب وخاصة نوابه كلّ يوم جمعه ، وكأنهم اعضاء في جماعةالاخوان، فيما هم بقية ايام الأسبوع اعضاء في مجلس النواب ، طبعا هذا امرٌ لايستقيم مع قانون الأحزاب ، وزادهم الأمر سواء، بعد أن اعترف بعض المتهمين مؤخرا ، بأنهم أعضاء في الجماعة والحزب أيضاً .

هم كانوا يعرفون ذلك تماماً ، ولكن بعض المغالين منهم أخذته العزة بالإثم على ما يبدو ، ظناً منهم ان الوقوف طويلا في المنطقة الرمادية، يوفر لهم غطاءً سياسياً ، طالما أن صيغة العلاقة بين الجماعة والجبهة بقيت غامضة وملتبسة ، للاسف تلك كانت مراهنة بائسة، قادت الجماعة ومعهم الحزب على ما يبدو إلى أزمة كانوا في غنى عنها، ودفعت الحكومة مضطرة لإعلان طلاق مع الجماعة ذا بينونة كبرى، كان بوسع عقلاء الحزب ، ممن لديهم اليد العليا ، تجنب ذلك الانفصال ، لو تمسكوا بالحكمة والموعظة الحسنة ، التي طالما راهنت عليها ألدولة طويلا ، أو لو فكروا لحظة واحدة ، أن المصلحة المشتركة هي ، أن لايموت ذئب الجماعة ولا تفنى غنم الدولة .

مواضيع قد تهمك