الأخبار

النائب هدى نفاع تكتب: سيادة القانون… خيار الدولة لا ترف الخطاب

النائب هدى نفاع تكتب: سيادة القانون… خيار الدولة لا ترف الخطاب
أخبارنا :  

في الدول التي تحترم ذاتها وتسعى لصون هيبة مؤسساتها، لا يُترك القانون نهبًا للتأويل أو رهينة للتسويف، ولا يُسمح لأي جهة — مهما كان تاريخها أو شعاراتها — أن تتموضع خارج إطار الشرعية. وفي الحالة الأردنية، تمثل جماعة الإخوان المسلمين نموذجًا صريحًا لكيان رفض منذ عام 1954 الانضواء تحت مظلة الدستور، مفضلًا الالتفاف على القانون والاستقواء بالشعارات، إلى أن بلغ تهديده حدود الأمن الوطني.

القانون لا يسقط… وإن تأخر تطبيقه

في عام 1954، أقر الأردن قانونًا يقضي بحل الجمعيات القائمة آنذاك، ومطالبتها بتوفيق أوضاعها القانونية بما ينسجم مع الدستور. ورغم أن جمعية الإخوان المسلمين كانت مرخصة منذ عام 1946، فإنها لم تمتثل لهذا المطلب، واستمرت في نشاطها خارج الإطار القانوني، متنقلة بين تسميات دينية وخيرية، دون أن يكون لذلك أي سند قانوني.

ولم يكن هذا التغاضي لسنوات طويلة ضعفًا من الدولة، بل كان تعبيرًا عن نهج تسامح سياسي واجتماعي، سعت من خلاله للحفاظ على السلم الأهلي وتجنب المواجهة. غير أن هذا الصمت لم يعد ممكنًا بعدما ثبت بالأدلة تورط عناصر من الجماعة في تشكيل خلايا إرهابية وتصنيع أدوات قتل وتخريب.

القضاء يقول كلمته… والدولة تطبّق

عام 2018، حسمت محكمة التمييز — وهي أعلى هيئة قضائية في الأردن — الموقف القانوني، مؤكدة أن الجماعة منحلة بحكم القانون منذ عام 1954. لم يكن القرار منشئًا للحل، بل كاشفًا له، ما يعني أن جميع أنشطة الجماعة طوال تلك العقود كانت خارج إطار الشرعية. وعليه، فإن كل نشاط يُنسب إليها محظور، وأي انتماء لها أو ترويج لأفكارها يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.

إعلام وطني مسؤول… لا منابر للتهويل

في هذا السياق، تقع على الإعلام مسؤولية وطنية تتجاوز نقل الخبر إلى ترسيخ الوعي العام. فالإعلام ليس منبرًا لتبرير مخالفات قانونية تحت مسميات حرية التعبير، بل ركيزة توعوية تُحذر من خطورة الجماعات التي تتجاوز القانون، سواء اتخذت طابعًا دينيًا أو سياسيًا أو أيديولوجيًا.

الإصلاح لا يُجامِل خارجين عن القانون

ما يجري اليوم ليس تضييقًا على الحريات كما يروّج البعض، بل تصحيح لمسار طال انحرافه. فالإصلاح السياسي الذي تسعى الدولة لتحقيقه في مختلف المجالات لا يمكن أن يتم بوجود كيانات غير شرعية تستغل الانفتاح لبث الانقسام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة.

لذلك، فإن الدولة الأردنية لن تتهاون مع أي جهة تهدد السلم المجتمعي، والتعبير عن الرأي مكفول ضمن الأطر القانونية، لا عبر خرق المنابر ولا عبر استغلال الفضاء الرقمي لنشر خطاب محظور.

لا عودة للوراء

الرسالة واضحة: لا رجوع إلى مرحلة التراخي أمام من يتخذ من الدين أو العمل الخيري ستارًا لأجندات سياسية خارجة عن السياق الوطني. قرار الدولة بتطبيق أحكام القضاء بحق جماعة الإخوان المسلمين ليس فقط تتويجًا لمسار طويل من التروي، بل إعلانًا عن مرحلة جديدة لا مكان فيها للتهاون مع من يعمل خارج إطار الشرعية.

وفي ظرف إقليمي شديد الحساسية، فإن صون هوية الدولة الأردنية واستقرارها لا يتحقق إلا عبر سيادة القانون، لا بالشعارات الرنانة ولا بتحالفات عابرة.

النائب #هدى_نفاع مساعد رئيس مجلس النواب الاردني

مواضيع قد تهمك