الاب رفعت بدر : ومضات فصحية لهذا العام

نبدأ الومضة الاولى، من مجمع نيقيا عام 325، ونيقيا هي مدينة في تركيا موجودة لليوم، وقد جمع هذا المجمع المسمّى بالمجمع المسكوني الأول قرابة 300 اسقف من كل أنحاء العالم من أجل الخروج بأمرين هامين من تاريخ الكنيسة: الاول إعلان قانون الإيمان أي صيغة الإيمان المتعارف عليها إلى اليوم من كل أنحاء الكنائس المختلفة، وثانيا هو تحديد عيد الفصح المجيد وصار بأن حدد أحد الفصح بالأحد الذي يلي البدر المكتمل بعد الاعتدال الربيعي، وهكذا انفصلت الكنيسة وقتها عن تاريخ عيد الفصح اليهودي، وقبل 1700 سنة تقبلت الكنائس، كلا من قانو? الايمان وتاريخ عيد الفصح. وفي عام 1512 أعلن البابا غريغوريوس الثامن التقويم الغريغوري الجديد الذي يسمى بالطريقة الشعبية بالتقويم الغربي، تمييزا له عن التقويم اليولياني أو التقويم الشرقي الذي بقي على الحسابات القديمة. المهم أن هذا العام بعد 1700 سنة من إعلان الإيمان ومن إعلان تاريخ عيد الفصح يحل العيد معاً في هذه السنة التي تسمى كبيسة، ويعيد أكثر من مليارين ونصف نسمة تقريبا (30 بالمئة من سكان العالم)، بعيد الفصح المجيد معاً ويصرخون معاً «المسيح قام حقا قام».
الومضة الثانية أن العيد هذا العام يأتي في غمرة إحياء الكنيسة في العالم لـ2025 عاماً من ميلاد السيد المسيح، وهذا طبعا ما يسمى باليوبيل الذي يحل كل 25 عاماً وهو دعوة إلى الفرح، ويحتفل به في روما بشكل خاص باستقبال ما لا يقل عن ثلاثين مليون زائر يدخلون من الباب المقدس، وكذلك هنالك احتفالات لفئات خاصة من المكونات الكنسية مثل الإعلام والمرضى والعمال والمكرسين إلى آخره.. بالاضافة الى احياء الاحتفالات الدينية بشكل خاص في المواقع الاثرية والمقدسة، ومنها طبعا في بلادنا، فالسيد المسيح ولد في بيت لحم وعمّد وعلّم في ال?ردن، ومات وقام في القدس، فعام اليوبيل هو عام الفرح بامتياز، وفيه يتم تسليط الضوء على أحداث الخلاص والأماكن التي حدثت فيها.
الومضة الثالثة هي الأردن الحبيب الذي والحمد لله نجاه الله تعالى من أخطار ومن شرور ومن نيات غير حسنة تبطن الشر والحسد على حالة الأمن والاستقرار التي يفخر بها الأردن. دعاؤنا إلى الله أن يحفظ الأردن دائما بحالة أمن واستقرار، وبحالة انفتاح وحوار كما هو معروف عنه وبالأخص التلاحم الإسلامي المسيحي الذي يعتبر أنموذجاً حياً لسلمية العلاقات بين أتباع الديانات المختلفة، نهنئ الوطن الحبيب بالنجاة من شرور كثيرة كان يمكن أن يحققها أمثال يهوذا الاسخريوطي، ولكن الاجهزة الامنية، بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، ?تمتع بقوة واحترافية، مكنتها من قطع الطريق على الاخلال بالأمن والسلام الداخلي.
الومضة الرابعة آخذها هذا العام من الاحتفال بخمسة وعشرين عاماً، على بناء كنيسة قلب يسوع في تلاع العلي على يد الراحل الكبير المرحوم كرم امسيح (أبو أسامة)، الذي أراد أن يشيّد هذه الكنيسة في عام 2000 حيث كان العالم أيضاً والكنيسة يحتفلان معاً بعام اليوبيل الكبير، الذي دشنه البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة تاريخية إلى الأردن، أي قبل ربع قرن وافتتاح الحج الى موقع المعمودية–المغطس.
فكانت هذه الكنيسة التي تسمّى كنيسة قلب يسوع أول كنيسة تبنى في شمال غرب عمان، وتبعها كنيسة الصعود للروم الأرثوذكس في خلدا، ومن ثم كنيسة القديس جاورجيوس للروم الكاثوليك في أم السماق، لكننا ننظر إلى الموضوع من باب أوسع، وهو باب الحرية الدينية وإقامة الشعائر الدينية التي ينص عليها الدستور ويحترمها الأردن ويقدرها الأردنيون جميعا، وتتمثل بحرية بناء الكنائس في الأردن، الأمر الذي جعلنا ندشن في بداية هذا العام أكبر كنيسة تحمل اسم معمودية السيد المسيح في موقع المعمودية المغطس. فهنيئاً لنا ونحن نحتفل بعيد الفصح، بحال? الأمن والاستقرار وبحالة حرية إقامة الشعائر الدينية.
أما الومضة الخامسة، فمن كنيسة العائلة المقدسة في غزة، التي احتفلت بالاسبوع المقدس، وليلة الفصح بأجواء احتفالية روحيا، لكنّ الألم ما زال مختلطا مع الأمل بغد سلامي سعيد.
Abouna.org@gmail.com