الأخبار

سامح المحاريق : الارهاب لا يشمله قانون الغفران

سامح المحاريق : الارهاب لا يشمله قانون الغفران
أخبارنا :  

الاختباء وراء الشأن الفلسطيني واستثمار تعاطف الشعوب العربية مع حقوق الفلسطينيين ومطالبهم العادلة والمشروعة ليس بالأمر الجديد، لا على مستوى دول وأنظمة، ولا على مستوى تنظيمات و جماعات، فما اكتشفناه في عقود من الزمن أن طريق القدس معقد ومتشعب وأنه يمر بالكويت ودمشق وبيروت وصنعاء، وأن صوت المعركة الذي لا يجب أن يعلو عليه أي صوت، كان مبرراً لمزيد من الزنازين وحتى المشانق، ولذلك فليس حديث جماعة الإخوان المسلمين عن المقاومة إلا حجة سبقهم إليها الكثيرون، وتبين أنها كانت كلمة حق أريد بها باطل ومنكر.

في الأيام الماضية تحدث الإخوان، ومعهم أعضاء سابقون في التنظيم، و متعاطفون، وكان حديثهم يدور حول ماضٍ أصبح بعيدًا تجاوزوه وتجاوزناه، ومستقبل غائم مليء بالأمنيات والنوايا الحسنة التي لو صحت، وليس ثمة تفتيش في القلوب، لا تشكل تحصينًا لمواقف خاطئة وتصرفات مرفوضة، وإذ نترك الماضي والمستقبل سوية لتبريرات الجماعة ومناصريها، فإننا نصر على الوقوف أمام حادث حمل تهديدًا جسيمًا وغير مسبوق للأردن وأمنه واستقراره.

بيان الإخوان المسلمين أتى مفتقرًا للإدانة الواضحة والمباشرة لما وصفته الجماعة بالأعمال الفردية، وأتى إرداف المقاومة وربطها بهذه الأعمال يحمل في طياته استفزازًا لمشاعر الأردنيين، ففي الوقت الذي تبحث فيه المقاومة عن مخرج من العدوان المستمر على القطاع، وتحضر المراجعات من المقاومة ذاتها ومن حلفائها، يأتي الإخوان فى الأردن ليلقوا مزيدا من الزيت على النار، ومع ذلك، ففي خرق واضح للقانون وتعد بين على مبادئ وثوابت وطنية أردنية، فإن المتهمين يبقون في إطار البعد الواضح والمباشر لأعمالهم المخالفة للقانون، أما الإدعاءات والمبررات اللاحقة فهي ليست ذات قيمة، والحال أن الأردن يواجه مجموعة من الخلايا ارتكبت أعمالًا تؤسس لمرحلة جديدة من الإرهاب وهو الأمر الذي لا يشمله قاموس الغفران أو تكتنفه مسببات الرحمة.

ثم أن الإحالة للمقاومة هي مسألة لم ترد في اعترافات المتهمين، وبعض الوثائق التي نشرت تبين أنها لقضايا قديمة لا تمت بصلة لهذه الخلايا التي بدأت نشاطها سنة ٢٠٢١ في وقت كانت الأوضاع فيه ساخنة وذهبت إلى تهدئة برعاية المخابرات المصرية مع محاولة لبناء مقاربة يمكن من خلالها إعادة الإعمار والمصالحة مع السلطة الوطنية، وهو الأمر الذي كان سينفي الحاجة لأحداث السابع من أكتوبر، فكيف يمكن تمرير المقاومة في مبررات موقف الإخوان وكيف يستقيم ذلك مع طبيعة الصواريخ التي لا يمكن أن تستهدف سوى مواقع داخل الأردن، وحتى لو افترضنا كما يذهب البعض أن المسألة هي الدخول في التصنيع لمساندة المقاومة، فكيف يمكن لتنظيم أو أي قوة كانت أن تستبيح السيادة الأردنية وتحول الأردن إلى ساحة، ولماذا تكبد الأردنيون في تاريخهم الوطني والقومي تكلفة بناء جيش فاعل وكفؤ طالما أن بعض الشباب ومخرطة مستوردة يمكن أن تقوم باللازم من وجهة نظرهم.

المخرطة المستوردة هي كلمة السر، والحقيقة أن الدول العربية أمام تفاوت هائل في موازين القوى عبر عن نفسه في سوريا ولبنان، ويهدد في اليمن وربما في وقت ليس بالبعيد في مواقع أخرى، والأردن بذل كل ما بوسعه من أجل المحافظة على أراضيه وأمن مواطنيه، وهذه مسؤوليته، ومع ذلك، فإن الدولة الأردنية لوحت بخيار الحرب في ظل مساحة مدروسة تلتقي فيها القيادة السياسية مع العسكرية، وهي ليست مجالًا للهواة على أي حال.

يكفي المقاومة ما تكابده في فلسطين، ويكفي الفلسطينيين محاولات القفز على قضيتهم، وفي النهاية فالكلمة السواء هي للقضاء الأردني، وفي النهاية فإن الأولويات على أرض الأردن هي للأردن، ولا ضرورة ولا فائدة من المناورة في هذه المنطقة من الإخوان أو غيرهم.

مواضيع قد تهمك