الأخبار

د. طارق سامي خوري يكتب : الوطن يكبر بالمحبة ويفنى بالبغضاء

د. طارق سامي خوري يكتب : الوطن يكبر بالمحبة ويفنى بالبغضاء
أخبارنا :  

في الوقت الذي يتعرض فيه وطننا ومحيطنا العربي لأخطر التحديات، نرى للأسف موجة متصاعدة من التخوين والاتهامات المتبادلة بين أبناء الشعب الواحد. أصبحنا نسمع يوميًا من يتهم الآخر في وطنيته، فقط لأنه عبّر عن رأي مخالف، أو لأنه وقف إلى جانب المقاومة، أو لأنه لم يصفق لخيارٍ سياسي معين.

وهنا يجب أن نقولها بصوت عالٍ:
كل من يعتقد أن الوطن ملك له أو لفئته فقط، هو إنسانٌ إقليميٌّ عفن.
الوطن لا يُقاس بالهويات الضيقة، ولا يُوزّع بالمحاصصة والانتماءات المناطقية أو العشائرية أو الدينية أو الفكرية.

كل من يرى أن من عاش على تراب هذا الوطن لا يستحقه، هو مريض في وعيه، مهووس بالإقصاء، ومشوه في إدراكه للمواطنة.
الوطن ليس بطاقة هوية تُعلّق على الجدار، بل انتماء يُترجم إلى سلوك، وإلى عطاء، وإلى التزام ومسؤولية.

كل من يختلف معنا في الرأي ليس عدواً، ومن يرى فيه عدوًا هو إنسان حاقد، ضيّق الأفق، عاجز عن فهم قيمة الحوار.
فالوطن يتسع للرأي والرأي الآخر، بل ينهض بالاختلاف المحترم، لا بالاصطفاف المقيت.

أما من ينكر ما قدّمه الآخرون للوطن، فهو جاحد… جاحد وحاقد.
الوطنية لا تقاس بالشعارات، بل بالتضحيات، ومن لا يعترف بتضحيات غيره، فهو لا يستحق شرف الانتماء لأي قضية أو وطن.

حب الوطن لا يكون بالعطايا ولا بالبعثات ولا بالمنافع والمكاسب والهدايا.
حب الوطن يكون في مقدار ما تقدمه له، لا ما تأخذه منه.
في التزامك، في إخلاصك، في سعيك لجمع أبنائه لا تمزيقهم، وفي دفاعك عنه من العدو الحقيقي، لا في اختراع أعداء وهميين من بيننا.

ومن يُعرض الوطن للمخاطر، ويزرع فيه بذور الانقسام والتقسيمات والإفرازات السامة، ثم يرفع شعار الوطنية…
كمن يُشعل النار ويصرخ أنه يُطفئها!

في ظل ما نواجهه من أخطار صهيونية، ومن مشاريع تستهدف وجودنا وهويتنا، يصبح الوقوف مع المقاومة شرفًا، لا تُهمة.
ويصبح الدفاع عن فلسطين واجبًا، لا خيانة.
ويصبح الصمت عن الانحراف، خيانة لا حيادًا.

فلنُعِد تعريف الوطنية في وعينا، قبل أن نُضيّع الوطن بيدينا.

د. طـارق سـامي خـوري
19/4/2025

مواضيع قد تهمك