فارس الحباشة : كيف تصبح خبيرًا اقتصاديًا؟

لم يألف الإعلام الأردني مثل ظاهرة الخبراء الاقتصاديين. أصبحت المواقع الإخبارية وشاشات التلفزيون والإذاعات والسوشيال ميديا تعج بخبراء اقتصاديين.
وتحوّلت نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية إلى منابر لخبراء اقتصاديين، وكما لو أن الإعلام فقد اتزانه المهني. وتحوّل إلى ناقل لهلوسات واستعراضات خبراء ومحللين اقتصاديين.
ظاهرة أردنية فريدة، وخبراء ومحللون اقتصاديون لم أسمع بمعظمهم إطلاقًا، ورغم أني صحفي شغوف، ومهتم ومتابع.
ببساطة، هل أن هؤلاء الخبراء يتحدثون ويتكلمون اقتصادًا، أم أنهم هواة ويصرفون وصفات وروشتات لتخدير واستعراضات تلفزيونية؟ يتم استضافتهم على شاشات التلفزيون والإذاعات، ويجري الزملاء في المواقع الإخبارية والصحف مقابلات ومتابعات صحفية معهم.
وعدد الخبراء الاقتصاديين يتناسل، ونصحو كل يوم على اسم خبير جديد. وفي مثل هذا العدد من الخبراء وفقهاء وعباقرة الاقتصاد، لما كان حال الاقتصاد على ما هو عليه الآن، ولأن الله يجب أن يُرى أثر نعمته على عباده الصادقين.
تابعت خبيرًا اقتصاديًا، وفي يوم واحد صرّح بأكثر من 5 تصريحات متضاربة. ونشطت حركة خبراء الاقتصاد مع الصعود الجنوني لأسعار الذهب في الأسواق العالمية والمحلية.
وأضحكني الخبير في قراءة مؤشرات الأسواق المالية، وكيف يقدّم نصائح إلى المواطنين بخصوص الذهب والمعادن، وكيف يتداولون، ومتى يشترون ويبيعون؟
من طراز، وعلى شاكلة السحرة والمنجمين.. كيف تصبح ساحرًا أم خبيرًا ومحللًا اقتصاديًا؟
وتصبح خبيرًا في أسعار الذهب والفضة والبورصة العالمية؟ تلبس بدلة وربطة عنق صفراء، وتستعمل كلمات أجنبية في حوارك، وتبشّر الناس بأرقام وهمية عن التداول وحقيقة الأسعار. والخبير ذاته، وفي يوم واحد، قال: إن الذهب سوف يرتفع، ثم تراجع ظهرًا وقال إن الذهب سوف ينخفض سعره، والذهب لم يرتفع ولم ينخفض، وحافظ على سعره اليومي مستقرًا.
وذكرني بهواة النشرات الجوية، وكيف حوّلوا خبر الطقس إلى مناحة ومسخرة وهزلية أردنية..
وهل معقول أن الناس يشكّلون قرارهم من وراء هكذا محللين وخبراء اقتصاديين؟
وهل حقًا أن هؤلاء المحللين نقمة أم نعمة على الاقتصاد والإعلام والرأي العام الأردني؟
ببساطة، ولا أسهل، أن تصبح خبيرًا اقتصاديًا في الأردن، وفي يوم وأسبوع وشهر، وتصبح خبيرًا في أسعار الذهب، وتظهر على شاشات التلفزيون، وتغمر الأردنيين بتحليلات وكلام زمردي. ــ الدستور