الأخبار

علي البلاونة : العالم والصفقات والجيوسياسية الجديدة

علي البلاونة : العالم والصفقات والجيوسياسية الجديدة
أخبارنا :  

عمليا تتعامل الدول والأجهزة الدولية مع بعضها البعض بمصالح ومنافع، وتستخدم أدوات ناعمة وخشنة لتحقيق أهدافها، والدول أوزان متغيرة، وفقا لتغير طبيعة المصالح والصراعات والتحالفات الدولية والإقليمية.
ومع مجيء الرئيس دونالد ترامب، حدث هناك تغيير في البيئة الجيوسياسية العالمية، فهو عمليا مهتم بتغيير وهيكلة الدولة والمؤسسات الأميركية أولا، وهذا قد يؤدي الى تعزيز الانقسامات والصراعات المحلية، وثانيا هو مهتم بإعادة بناء الدور الأميركي من خلال التفاهم مع الدول الفاعلة والمؤثرة، وبالتالي هو ساع نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا بصفقة هيمنة على ثرواتها.
وعلى الصعيد الروسي، فهو لا يؤسس للسلام في أوكرانيا، تقديرا للرئيس بوتين، وإنما هناك صفقة تجري بين واشنطن وموسكو، أبرز معالمها، تراجع الدور الروسي والانسحاب من الشرق الأوسط، ودفع إيران لعقد صفقة مع ترامب.
الرئيس الأوكراني أعلن بعد مقابلته ترامب، أن بلاده تتطلع للتعاون مع الإدارة الأميركية، وقال أنه ينتظر المبادرة الأوروبية للسلام في أوكرانيا، أن أن الاوروبيين سقدمون خطة للحل في أوكرانيا.
وعلى الصعيد الفلسطيني، طرح ترامب تهجير أهالي غزة، وتطويرها عقاريا، وجعلها بيئة سياحية، وهو ما قوبل بردة فعل عنيفة، دفعت الملك عبد الله الثاني للتأكيد خلال لقائه ترامب، أنه ينتظر المبادرة العربية لحل الأزمة في غزة.
القمة العربية التي عقدت في القاهرة، تقدمت بمبادرة لإعادة البناء كلفتها 50 مليار دولار، والتي قوبلت بالتأييد، والرفض من إسرائيل واميركا، ومن قوى لازالت تعيش أوهام النصر، في دحر إسرائيل.
حماس، التي اتخذت قرارها في 7 أكتوبر، تتحمل جزءا هاما من النتيجة، ومن عمليات القتل والتشريد، وبالتالي عليها مسؤولية تحمل النتائج، فقد سعت وبشكل محموم لوقف إطلاق النار ومنذ بداية الحرب، ولا يحق لها هذه الفترة رفض الأمر الواقع الذي فرضته على الجميع بقرارها، بل يمكنها تحسين الشروط.
نتمنى أن تكون مبادرة غزة، جزءا لا يتجزأ من مبادرة شاملة للحل السياسي، لكن الواقع مختلف، ولا أمكانات بعد لحماس للمواصلة وتحمل المزيد من الدماء، في ظل غياب التنسيق الفلسطيني الفلسطيني، حيث تساهم الصفقات في تحقيق تغيير جيوسياسي في المنطقة.
التغيير أن ترامب ساع بقوة لعقد ترتيبات في المنطقة، والقوي في العادة يفرض شروطه على الضعفاء، وهناك تصور أميركي – إسرائيلي جديد في المنطقة يمتد لملء الفراغ الروسي والإيراني والتركي مستقبلا.
نعم نحن أمام تحولات كبرى، وحوارات الإدارة الأميركية وبعض الدول القريبة من إيران فيها قدر كبير من القسودة والشدة، وقد يؤدي ذلك الى تعزيز الانقسامات الداخلي في العراق واليمن، فيما مشاريع التقسيم الكيانية لازالت قائمة في سوريا والعراق واليمن.
نحن معنيون بشكل أكبر، أن لا تؤدي هذه التوجهات الى تقسيمات وسايكس بيكو جديد في المنطقة، المتخمة بالتعقيدات والمشكلات، وأن يتم امتصاص الصدمة، وأن لا يمنح تحالف ترامب نتنياهو فرصته في تشكيل المنطقة وفقا لمصالحهم.
هناك مشروع لصدام ديني جديد في العالم، وهذا المشروع هو نتيجة لصراع المصالح والمنافع والثروات، فهناك حاجة ماسة للبعد الديني في هذه الصراعات، التي تحتاج منا تعزيز لكافة مقومات القوة الداخلية، والابتعاد عن الشبهات والمثيرات، ومنح الآخرين فرصا جديدة لتشكيل المنطقة.

مواضيع قد تهمك