الأخبار

د. رعد محمود التل : التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة (1-2)

د. رعد محمود التل : التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة (12)
أخبارنا :  

في القمة العربية الأخيرة الطارئة في القاهرة، طرحت مصر خطة بقيمة 53 مليار دولار لإعادة بناء غزة على مدى 5 سنوات، تركّز على الإغاثة الطارئة وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية الطويلة المدى.

ووفق التقرير الذي حمل عنوان «التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة»، تنص الخطة على مرحلتين لإعادة الإعمار وتقترح إنشاء صندوق تحت إشراف دولي.

بعد الحرب الأخيرة على غزة، تشير التقارير إلى أن الخسائر المباشرة بلغت 29.9 مليار دولار، فيما تُقدّر الخسائر الاقتصادية والاجتماعية بـ 19.1 مليار دولار، ليصل إجمالي الخسائر والاحتياجات إلى 53.2 مليار دولار. كان أكثر القطاعات تضررًا هي الإسكان (16.3 مليار دولار)، التجارة والصناعة (8.1 مليار دولار)، الصحة (7.6 مليار دولار)، والتعليم (4.1 مليار دولار)، والمواصلات (2.9 مليار دولار). كما وصلت معدلات الفقر في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد، فمن بين كل 5 أشخاص في القطاع هناك 4 ?ا يعملون حاليًا (نسبة البطالة 80%).

وفقًا للتقرير، فقد دُمرت أكثر من 95% من المنشآت التعليمية في غزة بالكامل، بينما تُستخدم المنشآت المتبقية كملاجئ إيواء. تأثر 658 ألف طالب في المرحلة الابتدائية و87 ألف طالب في المرحلة الثانوية بسبب العمليات العسكرية والقصف الجوي. كما استشهد أكثر من 11 ألف طالب في المراحل الابتدائية والإعدادية و788 طالبًا في المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى 616 معلمًا وطواقم تعليمية. وأصيب أكثر من 17 ألف طالب و2,490 معلمًا، في حين يعاني الناجون من صدمات نفسية بدرجات متفاوتة.

لا شك أن هذه الحرب المدمرة على القطاع خلفت آثارًا إنسانية واقتصادية سيظل القطاع يعاني منها لفترة طويلة. وفي ظل الظروف الصعبة، لا بد من تسريع التعافي المبكر في غزة لضمان استقرار المنطقة وتوفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية. فمن أبرز التحديات التي تواجه قطاع غزة بعد النزاع هو حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية. فقد دُمّرت 31,000 وحدة سكنية بشكل كامل، بينما أصبحت 55,000 وحدة سكنية غير صالحة للعيش. كما أن 31% من المنشآت التعليمية قد تعرضت للتدمير، ما أثر سلبًا على تعليم 350 ألف طالب.

مرحلة التعافي المبكر تتطلب التركيز على تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة لسكان القطاع بصورة عاجلة بسبب تدمير الزراعة والإنتاج المحلي. على مستوى الإسكان، يهدف برنامج التعافي إلى إعادة بناء 15 ألف منزل خلال 6-12 شهرًا من بداية العمليات. كما أن هناك حاجة إلى تمويل ضخم يصل إلى 3 مليارات دولار في هذه المرحلة فقط من أجل إزالة الركام وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية. أكبر التحديات أيضاً أمام جهود التعافي المبكر هو الحصار المفروض على القطاع، حيث لا تستطيع حوالي 70% من المواد الأساسية دخول غزة بسبب القيود المفرو?ة على الحدود. هذا يعوق قدرة الفرق الإنسانية على إتمام عمليات الإغاثة والإعمار. إضافة إلى ذلك، يعاني 80% من سكان غزة من الاعتماد الكلي على المساعدات الإنسانية، مما يزيد من تعقيد الوضع.

عملية التعافي وإعادة الإعمار في غزة، وحسب التقرير، تتطلب تمويلًا كبيرًا لتلبية احتياجات القطاعات المتضررة. أبرز القطاعات هي الإسكان الذي يحتاج إلى 15.2 مليار دولار، والطرق 3.45 مليار دولار، والكهرباء 1.5 مليار دولار. كما يتطلب قطاعا الصحة والتجارة والصناعة 6.9 مليار دولار، والتعليم 3.8 مليار دولار. الزراعة والحماية الاجتماعية يحتاجان إلى 4.2 مليار دولار، ويحتاج النقل والمياه والصرف الصحي إلى 2.9 مليار دولار و2.7 مليار دولار على التوالي. اما عملية إزالة الركام تتطلب 1.25 مليار دولار. يمكن بحسب التقرير للمنظ?ات الدولية والدول المانحة توفير 1.2 مليار دولار خلال المرحلة الأولى، بالإضافة إلى استثمار 200 مليون دولار في مشاريع بنية تحتية حيوية.

تقرير «التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة» المقدم بالقمة العربية الطارئة يشير إلى أن التعافي المبكر في غزة يمثل تحديًا كبيرًا ولكنه ليس مستحيلًا. إذا تم العمل بسرعة وفعالية وتوفير الموارد المالية اللازمة، يمكن أن يصبح القطاع في وضع أفضل في المستقبل. التحديات كبيرة، لكن هناك فرص كبيرة للتعافي المستدام إذا تم تفعيل التعاون الدولي.

رئيس قسم الاقتصاد - الجامعة الأردنية

مواضيع قد تهمك