بشار جرار : «دووج» ماسك وثورة ترمب

تململوا من تصريحات ترمب وإجراءات ماسك، فما كان إلا ما لا يخطر على بال. تغريدة مقتضبة أشاد بها الرئيس دونالد ترامب بإدارة إيلون ماسك لجهاز الكفاءة الحكومية المعروف اختصارا ب «دووج» مشددا على ضرورة إبداء مزيد من الحزم والشدة «العدائية» في تحقيق الهدف وهو ترشيق الجهاز الإداري الاتحادي أي بصريحة العبارة تخفيض عدد العاملين على نحو كبير يضاهي الأرقام الذي يريد ترمب تحقيقها في كل الميادين التي تعهد بإصلاحها إبان حملته الانتخابية. ترمب ذكّر ماسك والأمة الأمريكية وليس ناخبيه فقط بأن الغاية هي «إنقاذ أمريكا».
تعرف دول العالم كلها على اختلاف نظمها السياسية وأنظمتها الإدارية أن لتخفيض عدد العاملين سواء في القطاع العام أو الخاص كلف اجتماعية وربما أسرية قد تكون مؤلمة ولا سبيل إلى تعويضها حتى وإن كانت عادلة من حيث تبريرها أو عادلة بالمعنى السلبي أي عادلة في توزيع الظلم فيها على الجميع! للأسف حتى في أكثر الدول عراقة في احترام حقوق العاملين ومن قبل الإنسان، ثمة ضحايا لحركات التسريح الجماعي التي توصف أحيانا لسوء تنفيذها أو جسامة ضحايا بالمحازر الإدارية. لا معنى هنا لما يقال عن «ثورة بيضاء» لإصلاح ترهل إداري ولا حتى القضاء المبرم على الفساد بأنواعه سيما ذلك النوعي الخفي المحصور بهدر الموارد البشرية والمادية أو تبديدها أو تلك القوى الطاردة للكفاءات التي ثبت في كثير من الدول والمؤسسات أنها تقترب من حواف التآمر على ما هو أكبر من الأسماء المستهدفة. الخيال قد يشطح وقد صدق عالميا، بأن يتم إقصاء وإبعاد معارضي تغيير الوضع الراهن لا عملا لما هو أفضل بل العكس تماما، تأسيسا لما يعدّ بداية نهاية شركة أو مؤسسة، نظام أو بلاد.
تغريدة ترمب التوجيهية -بإيعاز وتفويض مباشرين من الرئيس- تبعتها تغريدة بمثابة إنذار خطي لا يتجاوز ثماني وأربعين ساعة. الإنذار العلني تم توجيهه عبر «التواصل الاجتماعي» السبت والمهلة في أول أيام الأسبوع. المطلوب من الجميع -جميع موظفي الجهاز الفدرالي في الخمسين ولاية- كتابة تقرير بأنفسهم (تلخيص لما تم إنجازه من مهام بحسب الوصف الوظيفي الذي تم تعيينهم على أساسه) يوجز أهم ما أنجزه كل واحد منهم الأسبوع الماضي وهو عمليا أربعة أيام لا خمسة كون الإثنين الماضي صادف «يوم الرؤساء» وهو عطلة رسمية فدرالية.
لا أذيع سرا أن هذا «الضغط» العلني لن يمر مرور الكرام وسيحدث فارقا أراه إيجابيا في نهاية المطاف وهذا موقف ليس بالضرورة حزبي أو سياسي. ليس خفيا على حكمة كل من شغل منصبا قياديا أو إداريا في القطاعين العام والخاص لا بل وعلى الصعيد الاجتماعي والعائلي والأسري، أن الضغط الحميد من شأنه رفع سوية الأداء وتحفيز الهمم وشحذها. وتلك قيمة أردنية أمريكية مشتركة مطروحة لذوي النوايا الحسنة والإرادات الصالحة لما فيه خير «أمريكا أولا» و»الأردن أولا». ترشيق وترشيد الجهاز الإداري فيه لا ريب ما ينفع الناس، كل الناس.. ــ الدستور