الأخبار

د . صالح ارشيدات يكتب : محفزات نهوض العمل الحزبي الأردني:

د . صالح ارشيدات يكتب : محفزات نهوض العمل الحزبي الأردني:
أخبارنا :  

يعيش الأردن مشروعا سياسيا وطنيا متجددا يعكس توجهات القيادة نحو التحديث والاصلاح هدفه تجذيرالنهج الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوسيع المشاركة العامة ،ويعدّ العمل الحزبي والبرلمان الحزبي ركيزة أساسية في النظام السياسي والعمل البرلماني الجديد يعكس مبدا ترسيخ المشاركة السياسية والتعددية الفاعلة، وهو أمر حيوي لأي نظام يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار السياسي.
ورغم الجهود المبذولة لتفعيل الحياة الحزبية، إلا أن الشكوى والإقبال الشعبي على الأحزاب لا يزال محدودًا وبحاجة لوقت واجراءات لتفعيله، وذلك لاسباب عقائدية وتاريخية معروفة شكلت سابقا حقبة عزوف شعبي عن العمل الحزبي، مما يتطلب استراتيجيات إصلاحية لتعزيز دورها في المشهد السياسي.
يمكن تحقيق مسيرة نهوض حقيقي للعمل الحزبي بعد ان تم إقرار البيئة التشريعية وإقرار مخرجات قوانين التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، ووجود إرادة ملكية ثابتة بالتحديث والحماية للمسيرة الديمقراطية، عبر عدة محاور أساسية للنهوض الحزبي، أبرزها:
توفير بيئة حاضنة صديقة للأحزاب، وبناء جسور الثقة بين الأحزاب والمواطنين، وتطوير القوانين والأنظمة الناظمة للحياة الحزبية والسياسية.

أولًا: أهمية توفير بيئة رسمية وشعبية صديقة وحاضنة للأحزاب!

لا يمكن تحقيق نهوض للعمل الحزبي وتحول ديموقراطي متصاعد دون بيئة صديقة مشجعة وداعمة، تكسر العزوف الشعبي العميق، تسمح للأحزاب بالنمو والتفاعل مع المجتمع دون قيود تعيق حركتها. البيئة الحاضنة يجب أن تشمل دعمًا رسميًا مستمرا من الدولة، وتقبلًا شعبيًا من المواطنين، مما يستدعي تحقيق التوازن بين الجانبين

الدور الرسمي في دعم البيئة الحاضنة!
على الحكومات:
- تعزيز الدعم المؤسسي للأحزاب من خلال ضمان حيادية الدولة ومؤسساتها تجاه الاحزاب ، ضمان نزاهة العملية الانتخابية وضمان تكافؤ الفرص بين الأحزاب والمرشحين دعم الأحزاب وتمكينها ماليًا وإداريًا من خلال تخصيص موارد حكومية لضمان استدامتها، مثل تمويل الحملات الانتخابية وفق معايير واضحة.
- توفير مساحات للحوار والتفاعل واللقاءات مابين الحكومة والأحزاب، كما ينبغي على الدولة توفير منصات رسمية تتيح للأحزاب عرض برامجها وتفاعلها مع المواطنين، مثل تخصيص مساحات إعلامية متساوية في التلفزيون الرسمي والصحف، وتنظيم مناظرات دورية.
- تعزيز اللا مركزية ودور الأحزاب في الحكم المحلي واشراك الأحزاب في صنع القرار على المستوى المحلي لتعزيز ثقة الناخبين بها
- رفع القيود البيروقراطية وتقليل التعقيدات الإدارية والقانونية عند تأسيس الأحزاب، وإزالة أي معيقات تحول دون نشاطها بحرية ضمن القوانين.

. تعزيز القبول والانخراط الشعبي للأحزاب!
-إعادة بناء الصورة الذهنية للأحزاب حيث يعاني العمل الحزبي في الأردن من ضعف الثقة الشعبية بسبب التجارب السابقة. من الضروري أن تعمل الأحزاب من خلال الاعلام والمؤسسات التعليمية على تعزيز صورتها كمؤسسات وطنية تمثل وتسعى لخدمة المواطنين وليس لمصالح فردية.
-التوعية السياسية للمجتمع بأهمية الاحزاب والبرلمان الحزبي حيث توضح أهميتها في تشكيل الحكومات البرلمانية وصنع القرار الوطني، مما يسهم في تعزيز القناعة الشعبية بدورها الأساسي.
- تشجيع المشاركة الشبابية والنسائيةعبر توفير منصات تمكين خاصة لهاتين الفئتين، وتعزيز دورهما في قيادة الأحزاب لضمان تمثيل أوسع لفئات المجتمع المختلفة وتعزيز قدرة الأحزاب على انتاج قيادات وطنية مؤثرة من خلال برامج تدريبية ودورات تاهيلية متقدمة.
ثانيًا: بناء جسور الثقة بين الأحزاب والمواطنين!
- لبناء الثقة على الاحزاب تحسين الخطاب السياسي الحزبي ليكون واقعيًا وقائمًا على برامج واضحة ومدروسة، بعيدًا عن الشعارات العامة التي تفتقر إلى آليات تنفيذية.
- تعزيز ثقافة الحوار مع المواطنين والاستماع إلى مشاكلهم بدلًا من الاكتفاء بتقديم وعود انتخابية غير قابلة للتنفيذ،
- التركيز على قضايا تمس حياة المواطن اليومية مثل الاقتصاد، البطالة، التعليم، والصحة، بدلًا من الانشغال بالقضايا الجدلية التي تبتعد عن اهتمامات الجمهور.
- وضع خطط تنفيذية مرتبطة بجداول زمنية واضحة، بحيث يشعر المواطن بأن الحزب قادر على تحقيق تغيير حقيقي.
-إطلاق مبادرات حزبية تستهدف خدمة المجتمع، مثل دعم المشاريع الصغيرة، وتنظيم دورات تدريبية للشباب، مما يعزز الشعور بجدوى الانخراط في العمل الحزبي.
- فتح قنوات اتصال مباشرة مع المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي واللقاءات الميدانية، مما يسهم في تقليل الفجوة بين الحزب والجمهور.

ثالثًا: تطوير القوانين والأنظمة المتعلقة بالأحزاب والانتخابات!
لا يمكن تحقيق تطور حزبي وحياه حزبية دون تحديث المنظومة التشريعية لضمان انتخابات عادلة، ورفع مستوى التمثيل السياسي، وتفعيل دور الأحزاب في الحكم.
- ويشمل ذلك تطوير قانون الأحزاب السياسية لإعادة النظر في شروط تأسيس الأحزاب لضمان سهولة تشكيلها، وعدم تغول أي جهة دون أن تتحول إلى أحزاب ضعيفة غير قادرة على التأثير السياسي.
- وضع ضمانات قانونية تمنع التضييق على الأحزاب أو حلها لأسباب غير موضوعية،وتحديث وحزم إجراءات استقالة نواب القوائم الحزبية وتعزيز استقلاليتها المالية والإدارية.


- ويشمل تعديل نظام الانتخابات ليشجع على تشكيل كتل حزبية قوية، بدلًا من التركيز على الأفراد، مما يعزز دور الأحزاب في صنع القرار.
- اعتماد نظام انتخابي يضمن تمثيلًا نسبيًا أكبر للأحزاب،ويضمن مرونة وعدالة في التعامل مع القضايا الحزبية الداخلية، ويقلل من هيمنة المستقلين، بحيث يكون البرلمان أكثر تعبيرًا عن المشهد الحزبي.
. تطوير النظام الداخلي لمجلس النواب
- يجب أن يُعاد النظر في آليات النظام الداخلي لمجلس النواب لضمان دور أكبر للأحزاب في صنع القرار وتنظيم عادل لعمل النواب والأحزاب داخل المؤسسة التشريعية.
- الاعتراف بالكتل الحزبية واعطاؤها صلاحيات واضحة يسهم في تقوية دور الأحزاب داخل البرلمان مما يعزز التجربة الديمقراطية .
إن تحقيق نهوض العمل الحزبي الأردني ليس مجرد تحدٍ تنظيمي، بل هو ضرورة لضمان استقرار النظام الديمقراطي وتعزيز المشاركة الشعبية في الحكم. لا يمكن للأحزاب أن تنجح في دورها دون بيئة حاضنة تدعمها، وثقة شعبية تمنحها الشرعية، وإطار قانوني يضمن تطورها واستقلاليتها.

مواضيع قد تهمك