الأخبار

سامر جميل البرماوي يكتب :خطر داهم... ما العمل؟

سامر جميل البرماوي يكتب :خطر داهم... ما العمل؟
أخبارنا :  

سامر جميل غدايره البرماوي  :


لا تجد الدولة الأردنية نفسها اليوم في منعطفٍ أخطر من سابقِهِ، ولم يرتفعُ منسوبُ القلق الوطني إلى مستوياتٍ أشدَّ ممَّا نراه اليوم. فلطالما واجه الأردن تحدياتٍ جسامًا وتهديداتٍ وجوديةٍ، وحُوصِرَ، لكنَّهُ، بعزيمةِ قيادتهِ ووعيِ شعبهِ، وقوةِ مؤسساتِهِ، ظلَّ صامدًا شامخًا في وجهِ كلِّ خطر.

فالأردن العظيم، الذي صمد في وجهِ تهديدات خطيرة وقد اشتعلت من حوله حروبٍ طاحنةٍ غيَّرتْ وجهَ المنطقة، يواجه اليوم تحديًا وجوديًا من نوعٍ آخر، لا يراعي أيَّ اعتباراتٍ إنسانيةٍ أو قانونيةٍ أو أخلاقيةٍ. إنه "وعد بلفور" جديد، يَسعى بفظاظةٍ لم يشهدها التاريخ الحديث إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني، وتهجير أهالي غزة إلى دول الجوار وغيرها، وكأن فلسطين عقارٌ يمتلكه "ترامب" يهبه للمستعمرةِ الإسرائيلية.

إنَّ قوى الشرِّ، وقد اجتمعت اليوم، تُنفِّذُ مخططًا إجراميًا بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية قاطبةً، مُتَّكِئةً على إجرامٍ وتطهيرٍ عنصريٍّ بغيض. هذا الخطر لا يُهددُ القضية الفلسطينية وحدها، بل يمتدُّ ليشمل الأردن ومصر، وسيَطالُ دولًا عربيةً أخرى.

صحيحٌ أنَّ "ترامب" يُديرُ الملفَّ السياسيَّ بعقليةِ رجلِ الأعمال، وأنَّ حكومةَ المستعمرةِ ما هي إلا عصابةٌ من المتطرفين، لكننا على ثقةٍ بأنَّ إرادةَ الشعوبِ العربيةِ الحرَّة، ومناعةَ جبهتنا الداخلية، وقوةَ مؤسساتِنا، وحكمةَ قيادتِنا الهاشمية الشجاعة، وإرادةَ الشعبِ الفلسطينيِّ ومقاومةَ أهلِ غزةَ، ستُحبطُ كلَّ هذهِ المخططاتِ.
إذا حانت ساعةُ الجدِّ، سيلتحمُ الشعبُ مع القيادةِ والجيشِ في مواجهةِ أيِّ خطرٍ، وسيكتبُ التاريخُ مجدداً سفرًا من أسفارِ البطولةِ لوطنِنا، وستبقى الكرامةُ حاضرةً في ميدانِ النضالِ الذي لم نَعهَدْ غيرَهُ.

لقد قال الأردنيون كلمتهم سابقًا، على لسانِ مليكِنا المفدى: "لا للتوطين، لا للتهجير، لا للوطن البديل". هذهِ ثوابتُ لا يمكنُ التنازلُ عنها أو تغييرُ الموقفِ تجاهها، لأنها ببساطةٍ تعني استقرارَ دولتنا وأمنها. وغيرُ ذلكِ، هو اعتداءٌ على أمنِنا وسيادتِنا، وهو ما لن نسمحَ به.
صحيحٌ أننا ندركُ أنَّ "ترامب" وحكومةَ المستعمرةِ لن يستطيعوا تهجير الشعب الفلسطيني، وأنهم يسعون إلى ابتزاز الدول العربية للحصول على مكاسب أقل، للتغطية على فشلهم الذريع في قطاع غزة. لكنَّ ذلك لا يعني الاستهانةَ بخطورةِ الوضع. يجبُ أن نتعاملَ مع الأمرِ بمنتهى الجدية، وأن نعدَّ أنفسَنا لِما هو آتٍ، وأن نكونَ على أُهبةِ الاستعدادِ لمواجهةِ أيِّ سيناريو مُحتمل.

لم يعد اليوم مجالٌ للاختلاف أو المهاترات أو الحزبية الضيقة. يجبُ أن يكونَ خطابُنا واحدًا، خلفَ قيادتِنا ومؤسساتِنا. وعلى الإعلامِ الوطنيِّ أن يرتقيَ بخطابِهِ إلى مستوى الخطر، وأن يُفعِّلَ أدواتِهِ لتصليبِ الجبهةِ الداخليةِ ومنعِ أيِّ اختراقٍ لها، وأن يُخاطبَ العالمَ الخارجيَّ بلغتِهِ التي يفهمُها، موضحًا للرأيِّ العامِّ العالميِّ الخطرَ الذي تُشكِّلُهُ تهديداتُ "ترامب" والمستعمرةِ على الأمنِ العالميِّ وحقِّ الشعوبِ في تقريرِ مصيرها.

مواضيع قد تهمك