الأخبار

هاني الهزايمة : رئاسة ترامب وتحديات الأردن في التعامل مع إدارة غير تقليدية

هاني الهزايمة : رئاسة ترامب وتحديات الأردن في التعامل مع إدارة غير تقليدية
أخبارنا :  

مع دخول دونالد ترامب عامه الأول في البيت الأبيض، أصبح واضحًا أن العالم يواجه رئيسًا غير تقليدي، لا يتردد في اتخاذ قرارات صادمة تهز السياسة الدولية. واحدة من تلك القرارات التي أثارت قلقًا عالميًا، وخاصة في الأردن، كانت قراره بتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يومًا، وهو إجراء استهدف العديد من الدول، بما فيها المملكة الأردنية الهاشمية، التي تعتمد على المساعدات الأمريكية لدعم اقتصادها ومواجهة التحديات الإقليمية.

قرار ترامب بتجميد المساعدات الخارجية لم يكن مجرد إجراء إداري، بل كان رسالة واضحة مفادها أن الإدارة الأمريكية الجديدة تنظر إلى العلاقات الدولية من منظور اقتصادي بحت. ترامب، الذي جاء بشعار «أمريكا أولاً»، يرى أن المساعدات الخارجية عبء على دافعي الضرائب الأمريكيين، ما لم تحقق فوائد مباشرة للولايات المتحدة. بالنسبة للأردن، الذي يعتمد على المساعدات الأمريكية لدعم اللاجئين السوريين ومشاريع التنمية، كان هذا القرار بمثابة ناقوس خطر.

على مدى عقود، كانت العلاقات الأردنية الأمريكية تُبنى على أساس شراكة استراتيجية قائمة على الثقة والتعاون. الولايات المتحدة هي أكبر مانح للأردن، حيث تقدم مساعدات اقتصادية وعسكرية سنوية تُسهم في استقرار المملكة وسط منطقة تعج بالصراعات. ولكن مع قرار ترامب، وجد الأردن نفسه في موقف صعب: كيف يحافظ على هذه العلاقة الاستراتيجية مع إدارة تُعيد تعريف أولوياتها بطريقة غير مألوفة؟

من جهة، لا يمكن للأردن التخلي عن علاقاته مع الولايات المتحدة، التي تُعد حليفًا رئيسيًا في قضايا إقليمية مثل مكافحة الإرهاب ودعم القضية الفلسطينية. ومن جهة أخرى، يجب أن يتعامل بحذر مع إدارة لا تتردد في استخدام المساعدات كورقة ضغط لتحقيق مصالحها.

الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، سيتعامل مع القرار بحكمة ودبلوماسية. بدلاً من التصعيد أو انتقاد الإدارة الأمريكية علنًا، ركزت القيادة الأردنية على تعزيز الحوار مع واشنطن، مع تسليط الضوء على أهمية الشراكة بين البلدين. جلالة الملك، المعروف بحنكته السياسية، حرص على إيصال رسالة واضحة للإدارة الأمريكية: أن استقرار الأردن ليس مجرد مصلحة أردنية، بل هو مصلحة إقليمية ودولية، خاصة في ظل الأزمات المتصاعدة في المنطقة.

قرار ترامب بتجميد المساعدات يجب أن يكون دافعًا للأردن لإعادة النظر في استراتيجيته الاقتصادية والدبلوماسية. أولاً، من الضروري تنويع الشراكات الدولية، بحيث لا يكون الأردن معتمدًا بشكل كبير على دولة واحدة. تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وآسيا يمكن أن يُخفف من تأثير أي قرارات مفاجئة من الإدارة الأمريكية.

ثانيًا، يجب على الأردن تعزيز اقتصاده الداخلي وتقليل اعتماده على المساعدات الخارجية. الاستثمار في التعليم، والصناعة، والطاقة المتجددة يمكن أن يُسهم في خلق اقتصاد أكثر استدامة وقدرة على مواجهة الأزمات.

ثالثًا، تعزيز الجبهة الداخلية هو المفتاح لمواجهة أي تحديات خارجية. يجب على الحكومة الأردنية أن تعمل على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ومحاربة الفساد، وخلق فرص عمل للشباب. عندما يكون الشعب متحدًا خلف قيادته، يصبح الأردن أكثر قدرة على مواجهة الضغوط الخارجية.

رئاسة ترامب، التي قد تستمر لأربع سنوات قادمة، تضع الأردن أمام اختبار صعب. من الواضح أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتبع النهج التقليدي في العلاقات الدولية. لذلك، يجب على الأردن أن يكون مستعدًا للتعامل مع قرارات غير متوقعة، وأن يُظهر مرونة دبلوماسية وقدرة على المناورة.

في النهاية، العلاقات الأردنية الأمريكية هي علاقة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن الحفاظ عليها يتطلب من الأردن أن يكون أكثر استقلالية في قراراته وأكثر استعدادًا لمواجهة المتغيرات الدولية. رئاسة ترامب قد تكون مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا فرصة للأردن لإثبات قدرته على الصمود والمناورة بحكمة في عالم مليء بالاضطرابات. ــ الراي

مواضيع قد تهمك