الأخبار

رمزي الغزوي : كيف تقفون أمام المرآة

رمزي الغزوي : كيف تقفون أمام المرآة
أخبارنا :  

يرى أحد شبيحة النظام الأسدي المخلوع أن الهالة التي أثيرت حول سجن صيدنايا زائفة ومفبركة وانحيازية، وتبالغ في نقل الوقائع. فالسجن ليس إلا سجنا عاديا ضُخم أمره لصرف انتباه الناس عن أشياء أخرى تحدث لا نعلمها ولا نعلم أهدافها.
تذكرت أن الرجل نفسه، وعقب مجزرة الكيماوي الأسدية في خان شيخون في الرابع من نيسان عام 2017 بعث لي برسالة يطالبني ألا أصدق الفضائيات العميلة، وألا أثق بتلك المشاهد، مشاهد الذين اختنقوا، وتشردقت خياشيمهم بغاز الكلور أو السارين وتغيرت ألوانهم، فهم ممثلون أفذاذ محترفون، استأجرهم مخرج فيلم المجزرة، لفبركة واقعة موت كاذب. كلهم ممثلون وبعد إغماضة الكاميرا سينفضون عنهم الموت الزائف ويعصرون ماء ثيابهم ويعودون لحياتهم يشترون البطاطا والبقدونس من باعة العربات، بمن فيهم طفل رمى رأسه دون أن يطفئ ابتسامته الساخرة من عالمنا البليد. وذيل الرسالة بنصحية ألا أكون ساذجاً لأصدق ما أراه.
والآن سخرية الشبيحة من بلاوي جحيم صيدنايا يفاقم وجعي وقهري. فماذا جرى لهؤلاء؟ لماذا لم يعودوا إلى صوابهم؟ وكيف لم تهزهم تلك المشاهد وحكايات الألم؟ لماذا يتمترسون في خندق الدفاع عن نظام جبان هرب مثل لص. لماذا لم يقفزوا من قاربه ولو حين جنح إلى الغرق.
لكن الواضح أنهم سيثبتون على عنادهم حتى ولو وقفت الإنسانية كلها في وجههم، وحتى لو أن بشار الأسد بنفسه خرج إلى الإعلام واعترف بذنبه وطلب مغفرة الشعب السوري، فستجد أن هؤلاء سيتشبثون بخندقهم وموقفهم. ولا أعرف حتى الآن عجينة أرواحهم.
في تراثنا نقول لمن يتعامى عن الحقيقة الدامغة ويتجاهلها، إنك شايف الضبع ويقص بأثره، بل وإمعانا بالتغابي؛ فإنه يبحث عن أدلة تقوده إلى تلك الحقيقة، رغم أنها ماثلة أمامه كرغيف الشمس الناصع ولا تحتاج لبيان أو تفتيش، فرائحة الطغيان والاستبداد والبطش لا تخفيها خافية.
أقول لكل هؤلاء الشبيحة يجدر بكم أن تعودوا إلى رشدكم الآن وليس غدا. على الأقل كي تستطيعوا النظر إلى وجوهكم حين تواجهون المرآة. احترموا عقولكم، وعقول من يقرأ لكم. لقد بالغتم في ازدراء حياة الناس وتعاليتم على أوجاعهم وتجاهلتم آلامهم، وشططتم في تقديس ما لا يستحق أن يقدس. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك