الأخبار

صالح الراشد يكتب : نهاية البعث .. الجيش يختفي والتماثيل تتحطم والإصلاح يحتاج لوقت

صالح الراشد يكتب : نهاية البعث .. الجيش يختفي والتماثيل تتحطم والإصلاح يحتاج لوقت
أخبارنا :  

صالح الراشد :

أسقطت القوات الأمريكية تمثال الرئيس العراقي/ الأمين القُطري لحزب البعث العربي الاشتراكي صدام حسين قبل إحدى وعشرين عام واختفى الجيش العراقي الجرار، وارتفع يومها العلم الأمريكي فوق رأس التمثال الكبير لصدام في بغداد، واليوم وفي دولة البعث الثانية عربياً اختفى الجيش وسقطت تماثيل الرئيس السوري / الأمين العام لحزب البعث بشار الاسد ووالده حافظ بأيدي رجال الثورة السورية دون تدخل أي قوات أجنبية، وعلى عكس العراق لم تشهد دمشق حالات نهب بعد سقوط النظام الأسدي، ويعود السبب إلى أن بغداد سقطت بيد الاحتلال الأمريكي قبل نقلها للعراقيين فيما انتقلت السلطة في دمشق من السوريين للسوريين.

ومع سقوط بغداد بيد القوات الأمريكية وسط دعم غربي عربي كبير غادر البلاد الالاف من أصحاب المؤهلات العلمية ورجال الأعمال صوب دول الجوار ودول الغرب، فيما عاد السوريون إلى بلادهم من دول الجوار التي هجرّهم إليها النظام الأسدي لنشره الموت في كل مكان داخل سوريا، ليكون الحال معاكس في الدولتين حيث لم يهرب صدام ولا أبنائه كما فعل بشار وأسرته ليموت صدام في النهاية على أرض العراق فيما سيعاني الأسد من الغربة وقد يموت قهراً في حال نهضت الدولة السورية سريعاً وتحسنت أحوال المواطنين.

لقد سقط النظام الحاكم في سوريا في حين سقطت الدولة في العراق ليتم سرقة القصور الرئاسية وغيرها من المواقع، بل ان القوات الأمريكية الغازية شاركت في عمليات السرقة ونهبت ذهب البنك المركزي في بغداد، ولم تتوقف الأياد الأمريكية عن القيام بدورها المُخزي فنهبت التحف والأثار ، ولم تستعيد العراق طريقها إلا بعد طرد الأمريكيين ليكون البديل بالإيرانيين، وربما تكون الصورة معاكسة في سوريا حيث هرب الإيرانيون مبكراً وظهر وجود فراغات تحتاج لمن يملئها، وقد تكون هذه الفراغات العسكرية والسياسية من حصة واشنطن بعد ابتعاد طهران وموسكو تحت الضغوط العسكرية والاقتصادية التي تُطارد البلدين، وعدم حاجة أي منهما لأعباء إضافية تُثقل كاهل إيران وروسيا.

وفي ظل هذه الظروف كان لا بد للكيان الصهيوني من استغلال الواقع الجديد بفرض واقعه الخاص، فاستولى على جبل الشيخ وألغى اتفاقية فك الاشتباك بينه وبين سوريا، وما كانت هذه الخطوة لتتم لولا الدعم الأمريكي غير المحدود وإعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتل ابيب، ليكون جبل الشيخ القطعة الاولى التي يتم اقتطاعها من الدول السورية بعد سقوط حكم بشار، ويتخوف الكثير من السوريين من اقتطاع أراض جديدة من وطنهم لا سيما أن تركيا لن تكتفي بلواء الأسكندرونة الذي ضمته قبل خمس وثمانين عاماً، ولم يتجرأ السوريون من ذلك اليوم ولغاية الآن على المطالبة بأراضيهم مما قد يوسع الأطماع التركية في ظل ولادة نظام حاكم جديد، وسيكون العذر المُحرك لأنقرة ضمان عدم صناعة دولة كردية وبالتالي ستحاول السيطرة على المناطق الكردية في سوريا.

إن المطلوب في المرحلة الحالية المحافظة على سوريا موحدة بأرضها وسكانها وعدم السماح لأي طرف بتحطيم الدولة الكبيرة وتحويلها إلى دويلات صغيرة، كما على القيادة الجديدة استعادة أراضي جبل الشيخ الذي يشكل المركز الرئيسي للمياة العذبة ويعتبر منبع نهر الأردن، لقد أثبتت التجربة السورية أن القوى الدولية والإقليمية سُرعان ما تتخلى عن حلفائها، فتخلت طهران وموسكو عن شريكها الرئيسي في المنطقة بشار الأسد ولم تتحرك أي منهما لحمايته، وكذلك فعلت واشنطن وباريس مع حلفائهم وتركوا حسني مبارك في مصر وزين العابدين بتونس يواجهون مصيرهم على أياد الشعبين المصري والتونسي، ليشعر العديد من قادة العالم الدكتاتوريين أنهم في خطر وأنه لا بد من العودة لخدمة الشعوب ومنحهم الحرية وتقبل الرأي الآخر للحفاظ على مناصبهم وإلا فإن السقوط سيطاردهم.

مواضيع قد تهمك