د. طلال طلب الشرفات : الحياري .. الكريم المكرم من القائد
عقد من الحراك الإعلامي كانت أكثر من كافية لمعرفة الإعلامي الفذّ والوطني المخلص سمير الحياري، ومنذ ذاك الوقت فتح لي ذراعي الرأي كاتباً دون تلكؤ أو منّة، وقدمّني للقراء بدعم لن أنساه، ودين طوّق به عنقي ما حييت، ولا أنسى الجهد الذي بذله الإعلامي الكبير عمر عبندة؛ الذي نصحني وقتها نصيحتين الأولى؛ أن العنوان ملك المقال، والثانية: التخفيف من واو المتابعة قدر الإمكان.
أقتربت من سمير الحياري بحذر وحرص، وأقلقني في بداية الأمر صمته الملابس، وقدرته الفائقة على تحويل الدعابة إلى موقف، والمزاح إلى وجهة نظر، ولكن تبيّن لي بعد ذاك عمق الرجل، وسعة أفقه، ووطنيته المجرّدة من الهوى والمصلحة، وحرصه الدؤوب على زملائه في الوسط الإعلامي، وأدبه الجمّ، ونبله الكبير مع أصدقائه؛ إلى الدرجة التي تمنيت فيها معرفته منذ زمن بعيد.
تكريم سمير الحياري في البلقاء رافعة الوفاء الوطني، ومن قائد الوطن تكريم مستحق، ويعبّر عن حقيقة مفادها أن الدولة لا تنسى ابناءها المخلصين، والأوفياء للتراب والهويّة والعرش والمؤسسات، ويكرّس مضامين النبل الوطني في إذكاء مشاعر الانتماء، ومغادرة مساحات القلق والغضب، ولعل الحياري القاسم المشترك للوسط الإعلامي الأردني، والفاعل في الفضاء العربي سيبقى أيقونة الحرص والوفاء في إبقاء الخطاب الإعلامي في خدمة الدولة ومصالح الوطن.
سمير الحياري يمتلك غضبة وطنية في الملمّات الصعبة، لا سيما عندما يٌنكأ الوطن بجرح؛ فيخلط الأوراق، ويُعيد بوصلة الألم الوطني مضموناً يٌناقش على طاولة القرار، ويعود الحياري بعدها إلى هدوءه المعتاد، وابتسامته الممزوجة بوجع " الديسك" إلى فضاء النقاش، ودبلوماستيه المحترفة إلى مضامين الحوار؛ أنه الحياري الذي لا يشبهه أحد، ولكنه يشبه ويُماثل كل المخلصين الكبار في الوطن الأغلى.
ليس صحيحاً ان الدولة تأكل أبناءها، ولكنه الاجتهاد المُبرر تارة، والاستهداف الشخصي للكارهين والحاقدين ممن قذفت بهم الصدفة أحياناً إلى موقع القرار؛ وهؤلاء "الوطن منهم براء" تارة أخرى، ولعل النبل الهاشمي والرفعة الملكية أكثر من كافية لجبر مشاعر الصادقين المخلصين الأوفياء الذين مورس عليهم الإقصاء والاستهداف دون مبرر أو سبب.
يستحق الحياري التكريم، ويكفي أنه سيّد عمون وتاج بوحها، تلك القلعة الإعلامية من قلاع الخطاب الوطني المتّزن المتوازن، والخبر الصادق، والرأي الآخر الذي لا يؤذي الوطن أو يثير فتنة تفتك بنسيجه الوطني الذي يُدار بالحب والوفاء والحلم، ومسيرة خمسون عاماً من الخطاب الملتزم، والانضباط تستحق التكريم، وعلى هذه الأرض الغالية دائماً ما يستحق الحياة...!
ــ عمون