عبد الحافظ الهروط : يوم التقانا عبدالحليم خدام في دمشق
في مطلع العقد الأول من القرن الواحد والعشرين كان الحراك الشبابي الأردني السوري سلساً وأسماء المشاركين في البرامج الشبابية تعبر الحدود دون تدقيق وقد دوّنت على «كشف موحد» من الطرفين.
المجلس الأعلى للشباب (وزارة الشباب حالياً) وهو الممثل الشبابي عن الأردن، واتحاد شبيبة الثورة عن سورية، كانا في مهمة زراعية لغرس الأشجار في جبل قاسيون، قبل أن يرد اتحاد الشبيبة الزيارة بالمثل وفي المهمة ذاتها في منطقة من ضواحي مدينة الزرقاء.
خلال وجودنا في دمشق، طلب نائب الرئيس السوري، حينها، عبدالحليم خدام استضافة الوفد الأردني في لقاء، بالغ فيه، وهو يقول «إن سورية بقيادة سيادة الرئيس حافظ الأسد حريصة كل الحرص على الوحدة العربية وحريصة على إفشال المشروع الصهيوني «من النيل إلى الفرات».
ولفت إلى أن المفاعلات النووية الاسرائيلية ستكون وابلاً على اسرائيل وليس على سورية والدول الشقيقة.
ما علق في ذهني، من قول لنائب الرئيس الذي كان يحلم بقيادة البلد الشقيق، وأنه الخليفة المنتظر لرئاسة الجمهورية، قوله «إن العمق الجغرافي للأمة العربية هو الذي سيفشل تحقيق الحلم الصهيوني، حيث المكان والزمان والتعداد السكاني».
وعلى البساطة والطيبة الأردنية، كان أحد المسؤولين في الوفد الأردني، يكرر دائماً عبارة عند كل لقاء أو مناسبة تجمع وفدي البلدين فقال: «لقد علمنا آباؤنا في الأردن وسورية، إنه عندما يحدث خلاف بين الآباء، فإن على أبناء العمومة عدم الانجرار وراء خلاف آبائهم»، في إشارة إلى أن أي خلاف بين أي زعيمين عربيين، يجب ألا يؤثر على تواصل الشعوب العربية.
ولأن الراحل خدام عُرف بالتجهم، والتهجم على كل من يخالف سياسة الحكم السوري، اكتفى بهز رأسه وهو يسمع هذه العبارة.
طال حكم الأسد، الأب والابن، الأول رحل عن الدنيا بظلمه وبحكمه الذي خالف شعار «أمة واحدة ذات رسالة خالدة»، والثاني، سار على سياسة أبيه، ولكنه هرب من بلد عربي عظيم، استباحته، فوق ظلمه، قوى ظلامية، جميعها تواصل العداء وتفتيت الأمة حتى تخلت عنه، وجعلت منه «لاجئاً سياسياً لظروف إنسانية"!.
هذا ما ورد على لسان المسؤولين في روسيا (تبرير اللجوء- أي إنسانية)!، وحال الذين تركهم الرئيس المخلوع في سجون الموت، ومن تشرّد، إذ ليس هناك فرق بين السجين والسجان، عندما تتساوى إهانة المحكوم والحاكم، لا بل «إهانة القصر» أشد مضاضة، حتى لو تنعّم الأسد في موسكو.
أما عبدالحليم خدام، فقد غادر البلاد قهراً على «الخلافة»، ولم تسعده السنوات المتبقية من عمره التي قضاها في ربوع فرنسا، وهو الذي تسنّم هواء الشرق، ورائحة ياسمين دمشق التي لا تدانيها كل عطور باريس، وسُحب رفاهية الغرب.
نرفع أكف الضراعة بأن يحفظ الله سورية ويحفظ البلدان العربية، التي باتت تحت وطأة «حرب تلد حرباً»، وما نزال نجتّر «وحدة الامة وسيادة أراضيها». ــالراي