الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : سرقة غاز غزة

اسماعيل الشريف يكتب : سرقة غاز غزة
أخبارنا :  

«والكلبُ وافٍ وفيك غدرٌ...ففيك عن قَدرِهِ سُفُولُ» ابن الرومي.

أفادت الأخبار بأن الرصيف البحري الذي بنته في الولايات المتحدة على شاطئ قطاع غزة، تعرض للتخريب مرتين بسبب المد والجزر.

هذا الرصيف قد يكون من الغرائب المعمارية السبع في العالم، فكلفته ثلاثمئة وعشرون مليون دولار، على بُعد خمسة كيلومترات من شاطئ غزة، أنشئ بحجة إدخال المساعدات إلى شعب غزة المنكوب.

تتحدث الناشطة آن رايت -وهي من المحاربين القدامى الذين يرفضون سياسات الولايات المتحدة الإمبريالية- إلى موقع زيرو هدج الإخباري عن هذا المرفأ، فتقول: إن السفينة الواحدة تحتاج إلى ألفي شاحنة لتفريغها، وأكثر من ألف من قوات البحرية الأمريكية لتوفير الحماية لها.

أي جنون هذا؟! تبديد كل هذه الأموال والجهود مع وجود معابر برية تستطيع عبرها أن تدخل آلاف الشاحنات اليومية، وحل مشكلة المجاعة وتوفير الأدوية وكافة المستلزمات في يوم واحد!

لوهلةٍ قد يبدو هذا غباءً، ولكن الحقيقة أن بايدن لم يرد يومًا إدخال المساعدات برًّا إلى غزة، وأن الولايات المتحدة -بالاتفاق مع الكيان الغاصب- هي من عرقلت إدخال المساعدات بريًّا.

قصة هذا الميناء تعود الى العام 1995 عندما وقّعت اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، ومن ضمن ما نصت عليه سيطرة الفلسطينيين على مياههم الإقليمية على شواطئ غزة، حسب ما ينص عليه القانون الدولي.

بعد أربع سنوات من هذه الاتفاقية بدأت شركة بريتش بتروليوم التنقيب قبالة شواطئ غزة، وعلى بعد 22 كيلومترًا اكتشفت حقلاً ضخمًا من الغاز يوجد به على الأقل 22 تريليون متر مكعب من الغاز.

كان كل شيء يسير على ما يرام، وبدأ بالحفر بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية، وتحدثت التقارير أن الإنتاج سيكون قريبًا.

في عام 2007 جرت الانتخابات البرلمانية والرئاسية الفلسطينية وفازت بها حماس، رفض الغرب والصهاينة هذه الانتخابات التي لم تأتِ كما تريدها، ففرض الصهاينة فورًا حصارًا بحريًّا على غزة، فتوقفت أعمال الحفر، فقامت شركة بريتش بتروليوم ببيع عقدها إلى شركة شل في العام 2016 بمبلغ 59 مليون دولار، لتخفيف خسائرها الكبيرة جراء التوقف عن الحفر.

حاولت شركة شل الاتفاق مع الصهاينة على استئناف الحفر، إلا أنهم رفضوا ذلك، مما تسبب بخسائر كبيرة للشركة وأغلقت أعمالها، كما عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونتكاد» وخرج بتوصيات منها أن الغاز الموجود قبالة شواطئ غزة من شأنه تغيير حياة الفلسطينيين، وأنه يجب على الكيان الصهيوني الموافقة على استخراج هذا الغاز، ولكن الدولة المارقة استمرت في عنادها.

في العام 2022 قام مخربون بتدمير خط نورد ستريم 2 الذي يربط الغاز الروسي بأوروبا، وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة هي التي قامت بتدمير هذا الخط، فعاد الحديث مرة أخرى إلى استخراج غاز غزة لإمداد أوروبا به، وهنا تدخل بايدن هذه المرة وضغط على النتن ياهو لاستئناف أعمال الحفر.

في شهر أذار من عام 2023 نشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» تصريحًا لمكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال يقول: إن جهودًا قائمة بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية ومصر لكي تمضي الحكومة قدمًا في تطوير حقل الغاز البحري قبالة شواطئ غزة.

في الوقت نفسه تقريبًا ذكرت صحيفة «ذا إنترسبت» الشهيرة أن الولايات المتحدة بدأت بتطوير منشأة جديدة للجيش الأمريكي في النقب بقيمة 35 مليون دولار على بعد 20 ميلاً من غزة.

في أكتوبر من العام الماضي حدث طوفان الأقصى الذي أفسد جميع المخططات ومن ضمنها مشروع غاز غزة.

إذا ما ربطنا أحداث هذه القصة، فمن الواضح أن الميناء بدأ كستار لتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني، ولكنه في حقيقة الأمر مركزٌ لدعم عمليات التنقيب وسرقة غاز غزة تحت حماية القوات الأمريكية.

سيستفيد بايدن من هذا المشروع في انتخاباته القادمة، فقد حل أزمة أوروبا في الشتاء القادم، وسيرضي اللوبيات الصهيونية والمجمع الصناعي العسكري في إرسال السلاح للصهاينة لقتل أطفال فلسطين.

القصة كلها تبدو منطقية، وهنالك الكثير من الخفايا والاتفاقيات السرية حول سرقة غاز البحر المتوسط، ولكن الفلسطينيين والعالم الحر لن ينسوا أنه على بُعد أمتار قليلة تقف مئات الشاحنات خلف جدار، رفضت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إدخالها، وعوضًا عن ذلك قامت ببناء مشروع فاشل بمئات الملايين استخدمت فيه أنقاض منازل الغزيين المخلوطة بجماجم أبنائهم! ــ الدستور

مواضيع قد تهمك