الأخبار

فارس الحباشنة : حرب استنزاف.. كيف ستنتصر المقاومة في غزة؟

فارس الحباشنة : حرب استنزاف.. كيف ستنتصر المقاومة في غزة؟
أخبارنا :  

حرب غزة دخلت شهرها الثامن، والمواجهات العسكرية مازالت دامية. وجاء فشل المفاوضات حول غزة، وتعنت نتنياهو في قبول صفقة

وقف اطلاق النار بمثابة سلوك سياسي لعقلية اسرائيلية تعتبر ان اي قبول بصفقة مع المقاومة، فانه يعني تراجعا عن اهداف الحرب المركزية، وتنازلا اسرائيليا، ورضوخا امام المقاومة. و اي قبول في اتفاق مع المقاومة يعتبره نتنياهو بمثابة هزيمة اسرائيلية وانتصار اضافي الى المقاومة ولخصومه في جبهات موازية.

فماذا جنى نتنياهو من جبهتي جنوب لبنان واليمن ؟ ونتنياهو يعلم ان حلفاءه سوف يذهبون مجبرين الى التفاوض مع الحوثيين في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان لتسوية كبرى في الاقليم. ومن بعد عملية رفح، فان نتنياهو يواصل رفضه الاستجابة للضغوط الامريكية لقرار وقف وتعليق عملية رفح.

و تحاول واشنطن اقناع نتنياهو بالصفقة وتمريرها، ولو مؤقتا لعبور الرئيس بايدن لمربع الانتخابات الامريكية، وتمرير بايدن لمفردات من عقيدته ازاء الصراع في الشرق الاوسط. و من مواضيع عقيدة بايدن في الشرق الاوسط، احياء حل الدولتين، وفتح مسارات تطبيع عربية جديدة مع اسرائيل.

خطاب نتنياهو والفريق السياسي والعسكري في تل ابيب بدا اكثر تعنتا وتزمتا ازاء صفقة وقف الحرب والاسرى، وتصريحات الوزير غانتس عضو مجلس الحرب، ووضعه لشروط وسقف زمني امام نتنياهو لابرام صفة لتبادل الاسرى، والتهديد بالانسحاب من اتئلاف حكومة تل ابيب.

الرد من حلفاء نتنياهو جاء قويا ورافضا لاي محاولات لابرام صفقة ووقف لاطلاق النار ما دام ان اسرائيل لم تحقق اهدافها من حرب غزة.

و ردا على الضغوط الامريكية ابدى نتنياهو استعداد اسرائيل للقتال وحدها، وفي ذلك فان نتنياهو يعقد الامور ويضع مطبات ومعقيات امام اي صفقة واتفاق لوقف اطلاق النار. و اما واشنطن، فان موقف نتنياهو لم يرغمها على وقف المساعدات والدعم العسكري والاستخباري واللوجسيتي الى اسرائيل، وامداد جيش العدو بالسلاح والذخيرة. و في تل ابيب، وعلى تضارب وتباين المواقف في العلاقة مع واشنطن، فان قادة العسكر والسياسيين لم يقفوا مذعورين من الخلافات مع واشنطن،

و مقتنعون انها لن تنعكس على العلاقة ومدى استراتيجيتها وعمقها المصالحي.

و في عملية رفح، فوجىء جيش العدو في عمليات مقاومة غير متوقعة في جباليا ومناطق شمال غزة، وتطورات لا تناسب جيش العدو، وتم توجيه الاليات الجيش نحو جباليا، والحقت في جيش العدو خسائر ساحقة، وظهرت المقاومة في قوتها وعرين فعاليتها، وانها لم تصب باضرار تحول دون استئناف ومواصلة قتال العدو في القطاع.

بعد 8 شهور، كان يفترض على الاقل في جبهة غزة ان يكون منسوب عمليات المقاومة قد تراجع، وان اثار العدوان الاسرائيلي قد اصابت بنيتها، وهدمتها واوقفت الامداد والاسناد العسكري واللوجسيتي للمقاتلين.

ولكن، المقاومة ظهرت في صور «طائر العقناء»، تموت وتحيا من جديد، وانها بألف خير، ولم تفقد من العزيمة والصبر والبأس والقوة، وواجهت جيش الاحتلال بقدرة فرضت عليه الانسحاب والحقت خسائر مادية وبشرية بالجيش.

و المقاومة في غزة من بداية طوفان الاقصى خاضت مواجهات وحربا تكتيكية.

وقوة وصبر المقاومة لم ينفدا، وما زالت تملك السلاح والعتاد والذخيرة والمقاتلين، وهي بدايات لحرب استنزاف كما قال ابو عبيدة في خطابه الاخير.

و في محطات من حرب غزة، فان المقاومة احبطت وعرت ما يروج قادة الجيش الاسرائيلي من مفعول سحري لمعارك عسكرية في غزة ورفح وجباليا وخان يونس.

و بمقدار ما تنتقل المعركة من مستوى الى اخر، فان المقاومة تغير من شروط التكتيك والمواجهة. وهي قدرات من الواضح انها تنقل المعركة الى خيار حرب الاستنزاف. و ما يلاحق جيش الاحتلال من خسائر في حرب ومواجهات الاستنزاف، فانه حتما لن يذهب باتجاه حرب كبرى في الاقليم.

و طبعا، في الرد الايراني على الرد الاسرائيلي ظهر كم ان واشنطن تميل الى سياسة الانكفاء العسكري، وتجنب سيناريو توسيع الجبهات والحرب الكبرى.

و امسكت واشنطن يد « تل ابيب «، ومنعتها من رد فعل عسكري متهور على جبهات الحرب الاقليمية. وقد ضاعت فرصة كبرى على نتنياهو لفتح معركة وحرب اقليمية كبرى، وجر امريكا ودول غربية اليها.

و في غزة، المقاومة وحرب الاستنزاف وضعت اسرائيل امام حقيقة دامغة، فلا جدوى امام اسرائيل في الخيار العسكري، والقضاء على المقاومة وهم كبير، تحرير الاسرى دون صفقة تبادل وهم اكبر.

و حرب الاستنزاف اختبار يومي في ساحات القتال والميادن سوف يجر اسرائيل راضخة الى طاولة التفاوض والتسليم في شروط المقاومة والتنازل عن عقد واوهام نتنياهو في نصر عسكري وسياسي اسرائيلي مستحيل في غزة.

مسارات المفاوضات والمبادرات الامريكية تأتي لتحسين شروط التفاوض مع اسرائيل، وتوفير غطاء سياسي لتحقيق اسرائيل لاهدافها العسكرية من حرب غزة.

و امريكا تبحث اليوم عن صيغ لوقف حرب الاستنزاف،وما يسمى « اليوم التالي»، وبما يضمن عدم السماح الى المقاومة في غزة في تطوير قدراتها العسكرية، واستنساخ ادارات محلية وفقا لنموذج الضغة الغربية، وتحويل غزة الى ضفة جديدة.

و حصار غزة، والسيطرة على المنافذ البحرية والبرية، وتسليم مفاتيح غزة الى اسرائيل او وكلاء اسرائيل. ومن هنا جاء الميناء البحري الامريكي، والذي تم المباشرة في اعماله الانشائية.

وتطرح واشنطن مقترح قوات عربية ودولية انتقالية في غزة. ويقابل ذلك في رفض عربي، ودول عربية عبرت عن رفضها الانخراط في ادارة غزة امنيا وعسكريا، وتجنبا لاتهامها بالتورط في دعم المشروع الامريكي والاسرائيلي في غزة.

المقاومة قوية تملك اوراقا كثيرة، ومن الصعب تجاوزها وشطبها، ورهان المقاومة على النصر يقاس في وحدات الصبر والعزيمة والبأس، وهي محركات ومقومات حرب الاستنزاف ضد جيش الاحتلال.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك