الأخبار

شحاده أبو بقر يكتب: أين (المشروع) العربي؟

شحاده أبو بقر يكتب: أين (المشروع) العربي؟
أخبارنا :  

ببساطة. ومن دون تطويع للمباني بهدف تشتيت المعاني كما يفعل البعض، فهناك مشروعان سياسيان استراتيجيان توسعيان أجنبيان، يتصارعان على إقليم العرب الشرق أوسطي.

المشروع الأول، هو المشروع الصهيوني الذي يلقى دعما من قوى كبرى مكنته من احتلال كامل فلسطين من البحر إلى النهر، فضلا عن أراضي تابعة لدول عربية غيرها، وعينه على ما هو أبعد.

المشروع الثاني، هو المشروع الفارسي القائم على منهجية تصدير الثورة، والذي يبسط نفوذا واضحا بإسم الدين، على أربع عواصم عربية حتى الآن، وله هو الآخر طموحه الأبعد.

بالمناسبة، كان الكثرة من العرب وأنا منهم، قد صفقوا طويلا لانتصار ثورة الخميني، وسقوط حكم الشاه، ظنا منا أن قوة جديدة قد أضيفت لقوة العرب في مواجهة المشروع الصهيوني ومخططات الغرب المجافية لمصالح أمتينا العربية والفارسية أيضا.

ما يحدث اليوم، هو أننا ما زلنا نتمنى لو أن المشروع الإيراني يصب في هذا الإتجاه، ولصالح بناء قوة إسلامية كبرى تدافع عن مصالحنا المشتركة جميعا، إلا أن المؤشرات ولسوء حظنا جميعا، ما إنفكت تبشر بغير ذلك.

في مواجهة هذين المشروعين، تتساءل معظم الشعوب العربية، وأنا أيضا منهم، عن مبررات غياب مشروع سياسي إستراتيجي جماعي عربي، بمقدوره مواجهة هذين المشروعين، وبما يحفظ كيان العرب في أوطانهم، ويجعل منهم وهم أمة الـ ٤٥٠ مليونا بكل ما حباهم الله من إمكانيات مادية ومعنوية ودينية وغيرها، أمة مهيبة الجانب والجناح، أمة تفرض حضورها الأقوى على سائر موائد البحث الدولية، بحيث تغدو أمة مصدرة للقرارات لا مجرد متلقية لها ومطالبة بالقبول خلافا لإرادة وتطلعات شعوبها.

مؤلم حتى الحزن، هذا الإنكفاء القطري العربي، لا بل وهذا التفرق والتشتت العربي الذي يضعف أمة أرادها الله أقوى الأمم.

شخصيا، لا أجد مبررا منطقيا واحدا، يحول دون أن يتوحد عرب الشرق على الأقل سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا، ورحم الله الملك الحسين إذ دعا لبناء فيلق عسكري عربي موحد تناط به مهمة رد الشر عن أي قطر عربي يواجه خطرا.

إذا استمر حال العرب على هذا النحو من القطرية غير المؤهلة لمواجهة أي من المشروعين آنفي الذكر، فإن العرب جميعا شرقا وغربا في خطر، ومن يتوهم خلاف ذلك، فهو مخطئ تماما.

لا أدعو لأن تتوحد الأمة في كيان واحد، ولا أطالب بأن تتخلى أية دولة عن خصوصياتها، لا، أعرف أن ذلك صعب مرحليا على الأقل، لا بل أطالب بصيغة وحدوية سياسية قوية تنبثق عنها معاهدات دفاع مشترك، وإتفاقيات تعاون اقتصادي تسخر قدرات الأمة في خدمة الشعوب العربية كافة.

لماذا لا يكون لدينا اتحاد عسكري واقتصادي عربي مثلا. هل سيتضرر عربي من ذلك أم العكس هو الصحيح؟.

قبل أن أغادر، حرب غزة وما سيتبعها من تطورات درس لكل العرب، وهو درس أول حرف فيه هو أن ما من عربي في مأمن، إن إستمر ما هم عليه اليوم من حال.

الأردن ووحيدا ربما، استوعب الدرس منذ زمن طويل، ولذلك حاول وسعى دائما من أجل جمع شمل العرب، وحذر طويلا على لسان مليكه، ومن سبقوه ورحلوا عن هذه الدنيا الغرور يرحمهم الله، من مغبة ومخاطر تشتت شمل العرب، مقابل مشروعات أجنبية طامحة وطامعة.. الله من أمام قصدي. ــ الراي

مواضيع قد تهمك