الأخبار

اسماعيل الشريف : تيك توك

اسماعيل الشريف : تيك توك
أخبارنا :  

اسماعيل الشريف :
«لن يفنى العالم بسبب قنبلة نووية كما تقول الصحف، بل بسبب الابتذال والإفراط في التفاهة التي ستحول العالم إلى نكتة سخيفة»، كارلوس زافون، روائي إسباني.

مللت وسائل التواصل الاجتماعي، وعزفت عن التعامل مع أي مواقع جديدة، ولكن بعد أن حصل ابني على تعويضٍ سخيفٍ في قضية رفعها أحدهم على منصة تيك توك لانتهاكها خصوصية مستخدميها. وتزامن ذلك مع قراءتي لخبر قصة الصلصة الزهرية التي يبيعها مجهول على «التيك توك»، وكانت عبارة عن بذور عباد الشمس والعسل والحليب غير المبرد والخل، وكتب «الزنجبيل»خطأ على ملصق المكونات، واشترى الأولاد هذا الخليط، وكانت النتيجة أن معظمهم أدخلوا المستشفيات بسبب التسمم، بعدها أصبحت أتابع أخبار هذا الموقع، ليتبين أن هذه القصة هي غيضٌ من فيض لما يجري على منصة «التيك توك».

أثناء وجودي في القاهرة الأسبوع الماضي تصدّر الأخبار خبر تحدي حبس الأنفاس الذي يجري على التيك - وهو حبس النفس لفترة طويلة تؤدي إلى الغيبوبة- فأطفال قد دفعوا حياتهم في هذا التحدي، وهنالك تحديات أخرى أقل خطورة؛ مثل شرب جرعات كبيرة من دواء الحساسية، أو مقرفة كتحدي معرفة نكهة الحلوى التي تناولها الشخص الآخر، وهذا يتم من خلال استخدام الشم أو لحس شفتيه أو تقبيله.

وتحفل المنصة بمصطلحات خطيرة بين الشباب مثل:»أنا تناولت المعكرونة يوم أمس»، للدلالة على وجود أفكار انتحارية للمراهق.

قمت بتنزيل هذا التطبيق، وأدركت في تلك اللحظة أن جيلي قد انتهى، فالتطبيق يستهدف الشباب، فوفقًا للدراسات فإن 32.5% من مستخدمي التطبيق تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عامًا، و29.5% تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عامًا، وهنالك حجم كبير من الإباحية موجهة للأطفال، ومحتواه خطير يسبب الإدمان، فمعدل ما يقضيه المستخدم باليوم على المنصة 52 دقيقة، وتصميمه يقوم على خطف الانتباه لفترات طويلة.

جاء هذا التطبيق من الصين ردًّا على مواقع التواصل الأمريكية؛ فالدولة الصينية تملك حصة في التطبيق كما تملك الولايات المتحدة حصة في شركات التكنولوجيا العملاقة كفيسبوك وجوجل.

ووفقًا لدراسة أجرتها شركة URL Genius فإن منصة تيك توك قد تفوقت على جميع المنصات الأخرى في مشاركة البيانات، ويمكنها تتبع نشاطك على مواقع أخرى، وتصب جميع البيانات في خوادم في الصين، وباستخدام خوارزميات معقدة، فإنها تتحكم في المواد المقدمة إلى مناطق مختلفة في العالم، فإذا نظرت إلى تيك توك النسخة الأمريكية، فأبرز موادها تافهة تدور حول التحديات وزم الشفاه، أما النسخة الصينية فإن موادها أكثر جدية تدور حول الأعمال والتكنولوجيا.

أما نحن فأعتقد أننا قد داستنا الأرجل في هذه الحرب بين الولايات المتحدة والصين، التي تتخذ مناحي كثيرة منها التطبيقات.

ومن أخطار هذا التطبيق أنه نسخة رقمية مما يسمى في علم النفس – ضغط النظراء – وهو الضغط النفسي المباشر أو غير المباشر الذي تفرضه مجموعة على الفرد بهدف إجباره على سلوك معين، وما عليك لفهم هذه العبارة إلا متابعة تحديات تيك توك.

في الفيلم الوثائقي الشهير بعنوان «المعضلة الاجتماعية» لم يكن جمع البيانات هو الأكثر رعبًا، إنما الخوارزميات التي تتحكم فيما نراه فتصقل آراءنا وسلوكنا وتوجهاتنا.

مستخدمو تيك توك يعلمون ذلك، ولكن لا أحد يهتم، فالجميع يريد أن يصبح مشهورًا، فثلث المجتمعات منومون مغناطيسيًّا وملايين الأطفال قد أدمنوا رقصة جديدة وزم الشفاه ومزحة جديدة، حتى لو كان ذلك على حساب معتقداتهم وثقافتهم وحتى حياتهم.

من أكثر الفيديوهات التي آلمتني قول رجل بأنه لا يستطيع قراءة أي كتاب لأنه بطيء!

نصيحتي؛ اشطب هذا التطبيق، وحاول أن تلهي أطفالك في أمور أكثر فائدة. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك