الأخبار

محمد يونس العبادي : نظرة إلى فلسطين في الخطاب السياسي الأردني

محمد يونس العبادي : نظرة إلى فلسطين في الخطاب السياسي الأردني
أخبارنا :  

يتشكل الخطاب السياسي لأيّ دولةٍ، عبر سلسلةٍ من المواقف، والتصريحات، وهو عادةً ما يعبر عن موقفٍ في عمق عقل الدولة، ووجدانها أيضاً، وهو يحدد اتجاهاتها، ومصالحها.

ولطالما كان الخطاب السياسي الأردني، واضحاً، ومليئاً بمفردات تعبر عن موقفٍ تاريخيٍ، حيال فلسطين، وهو موقف بذل الأردن لأجله، وقدّم التضحيات، وما يزال يُقدم ويتقدم، وحتى تحقيق العدالة.

ومن بين الوثائق التي تعبر عن أصالة هذا الموقف، خطاب للوفد الأردني في مؤتمر فلسطين بلندن، والذي انعقد في 12 أيلول عام 1946م، أيّ قبل نحو العامين من النكبة.

ومما جاء في كلمة الأردن، والتي ألقاها آنذاك سمير الرفاعي، قوله «لا يسع المرء وهو يواجه المسألة الفلسطينية، سوى الإحساس بأنها ليست مهمة يسيرة هينة، فلقد داخلت هذه المسألة عناصر ذات طابع غريب عنها، فجعلت منها مسألة معقدة».

وهذا الخطاب السياسي الأردني، حذر باكراً من أنّ تصبح «هذه المسألة سبباً لقلق متناهٍ في بلاد الشرق الأوسط بأسرها»، ذلك أن «البلاد التي بعثت برسالة السلام وحسن النية لأهل الأرض جميعاً تطلب الآن السلام وحسن النية من أهل الأرض، ولم كل هذا؟ لسبب بسيط وهو وجود جو من التفكير القلق».

وهذا المؤتمر الذي كان بعد الحرب العالمية الثانية، عقد لغاية البحث آنذاك، عن حل لمستقبل فلسطين، والتفاوض على إنهاء الانتداب.

ورأى الأردن، آنذاك بأنّ «وعد بلفور أغفل التزامه دائماً أبداً، كما أنه لم يوجه اهتماماً رئيساً إلى حقوق العرب، حين تطبيق أية خطة تشجع على تشييد وطنٍ قوميٍ لليهود».

كما نبه إلى أنّ «الوعد المشؤوم، لم يعن ولا يمكن أن يفسر بأنه يعني تحويل فلسطين إلى دولةٍ يهوديةٍ، أو إقامة دولة يهودية في أيّ جزء من البلاد».

ومن اللافت أنّ الأردن أكّد، وحاول تفسير هذا الوعد، إذ استعرض المسؤولون آنذاك، تقارير لجان التحقيق والبيانات الرسمية عن فلسطين، «والواقع أنّ تعبير (الوطن القومي) لم يكن واضحاً في معناه، وهدفه وفي نتيجته المنتظرة، بل وحتى في عقول الأشخاص الذين ابتدعوه».

ومما يلفت في هذا الخطاب، ما جاء فيه بأنّ «اللورد بلفور نفسه أفضى في سنة 1927 بالعبارة التالية: ليس في وسعي أنّ أظن أنّ هذه التجربة هي تجربة عظيمة، لأنّ شيئاً كهذا لم يحاوله أحد منذ الأزل، ولأنه مجرد خرافة، وقد سماها اللورد بلفور «تجربة كبيرة، ونعتها بالقول عنها إنها مجرد خرافة لم يسبق لها مثل، وفي مناسبة أخرى كان اللورد بلفور أكثر صراحة فوصفها بأنها مجازفة». (انتهى الاقتباس)

ونبه الخطاب الأردني في مؤتمر لندن، آنذاك إلى أنه حتى لجنة التحقيق الإنجليزية الأميركية، وهي لجنة اعتبرها العرب آنذاك بأنها متحيزة إلى اليهود، قد قالت في تقريرها بأن «تعبير الوطن القومي يعتبر تجاوزاً على القانون الدولي.

وهي لجنة بريطانية وأميركية مشتركة تم تجميعها في واشنطن في 4 كانون الثاني 1946م، وكُلفت بدراسة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين الانتدابية، وذلك بسبب مشكلة الهجرة اليهودية والاستيطان فيها، مع العرب القاطنين فيها. بغرض التشاور مع ممثلين للعرب ولليهود، لتقديم توصيات أخرى حسب الضرورة، للتعامل بشكل مؤقت مع هذه المشاكل وكذلك لحلها الدائم.

وقد نُشر تقرير اللجنة مُعنونًا بـتقرير لجنة التحقيق الأنجلو أميركية فيما يتعلق بمشاكل يهود أوروبا وفلسطين.

وبالعودة إلى الخطاب فقد عرض الأردن آنذاك لبعض الإحصائيات في فلسطين ذلك أنّ اليهود ارتفعت أعدادهم إلى زهاء 560 ألف نسمة مع نهاية عام 1944 فيما كان عددهم سنة وعد بلفور يقدر بـ 85 ألف نسمة.

لقد عارض الأردن في مؤتمر لندن أيّ فكرة تريد تقسيم البلاد، ورفضوا أيّ مشروع بريطانيٍ ينافي سلامة فلسطين وأهلها، وتركيبتها.

إنّ هذا الخطاب الأردني الموصول، هو إرثٍ ما تزال مفرداته حيّة، ويؤكد على مساعٍ ما تزال موصوله... لأجل فلسطين.

ــ الراي

مواضيع قد تهمك