خلدون ذيب النعيي : الخط الحديدي.. كنز السياحة الأردنية الجديد

المطلع على ردود الفعل على بدء تسيير رحلات الخط الحديدي الحجازي السياحية من عمان الى المفرق ومن ثم الى ام الجمال ورحاب فضلاً عن الاعلان عن النية بتمديد هذه الرحلات شمالاً الى درعا ودمشق في سورية يرى مدى التفاؤل الذي يعم القطاعات الشعبية والمختصين بهذا المجال بانطلاقة قوية للسياحة الاردنية الداخلية، سيما انها تعاني حالياً من ركود واضح بسبب الاحداث الاقليمية التي أدت الى انخفاض الدخل السياحي الأردني بنسبة 2.3./. عام 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه حسب البيانات الرسمية.
ويتجاوز هذا التفاؤل الداخل الأردني كما تبرزه كثير من المواقع الاعلامية والتواصل الاجتماعي في الدول العربية الشقيقية، حيث ينظرون فيها مواطنين ومختصين الى هذه الرحلات بمثابة الامل القادم بسياحة جديدة مميزة عصبها رحلات القطار الغير دارجة كثيراً في المنطقة العربية كخطوط مواصلات فضلاً عما تحمله من قيمة وجدانية جميلة وتراثية في مخيلتهم اساسها الاحداث التاريخية والدراما الدارجة حالياً.
ولا شك هنا أن النجاح السابق لمؤسسة الخط الحديدي الحجازي في تسيير الرحلات بين محطتي عمان والجيزة قد ساهم بهذا التفاعل بتمكن هذه الرحلات على صغر مسافتها من اظهار كثير من المعالم الحضارية والتاريخية للعاصمة عمان فضلاً عن ابراز القيمة التاريخية والتراثية المجتمعية لمنطقة الجيزة «زيزيا بمسماها الشعبي والتاريخي»، ومن هذا النجاح تنطلق لتعميم الرؤى لتكون المحطات التقليدية على الخط الحديدي بمثابة عقدة مواصلات للمناطق السياحية والتاريخية القريبة منها كما في محطة المفرق في تشعبها الحالي لام الجمال ورحاب.
ومع تحقق النجاح ان شاء الله ستصبح هذه المحطات بمثابة عقدة توزيع للإقليم السياحي الذي تخدمه كما في محطة المفرق في شمال الوطن بتواصلها مع المواقع السياحية القريبة مثل ام قيس وجرش وعجلون التي ستكون بمثابة أقليم سياحي وموحد متكامل، فيما سيكون هذا الدور لمحطة عمان من خلال مد خط حديدي للمغطس واثار ام الرصاص وهكذا في محطات القطرانة ومعان التي ستوصل السياح الى مزارات الكرك والبتراء وضانا وصولاً الى العقبة ووادي رم.
لا يخفى ان انجاز هكذا مشروع رغم نفقات تشييده الكبيرة سيكون هدفاً حيوياً للدولة الأردنية التي تمثل السياحة مصدراً مهماً لمواردها المالية فضلاَ عن دور السياحة في التنمية الشاملة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية الحاضنة لمواقعها، ومن هنا فالاطلاع على تجارب الدول الناجحة في هذا المضمار والسعي لتأمين التمويل اللازم لإنجاز هذه الرؤية فضلاً عن تكاتف مختلف الجهات الرسمية والاهلية في المملكة لأجلها سيحقق تطبيقاً سريعاً لها وبشكل يقطف ثمارها الجميع، وسيكون هذا النجاح بمثابة الداعم الأكبر للسياحة الداخلية والاقليمية التي تواجه مصاعب شتى كما سبق ذكره وذلك في وقت ايضاً استطاعت السياحة ان تكون الكنز الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في كثير من الدول التي استطاعت استغلال وتطوير سياحتها وما الدور الذي تمثله سياحة القطارات في تركيا وفرنسا واسبانيا عن ذلك ببعيد.