الأخبار

صالح الراشد يكتب : ادعاء المعرفة مصنع للتهريج والشقاء

صالح الراشد يكتب : ادعاء المعرفة مصنع للتهريج والشقاء
أخبارنا :  

صالح الراشد

متاهات ومتاهات يصنعها رجال السياسة والاقتصاد لادخال المواطنين إليها لافقادهم أي رؤية واضحة تجاه المستقبل، ولصناعة حالة ضبابية ومجتمع أعمى فاقد للبصر والبصيرة، ويحرك هؤلاء العابثون جيوش من الذباب الإلكتروني فاقدي الفكر منفذي الأوامر لأجل إفقاد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مجرد التفكير في الحلول الصائبة والبحث عن الحقائق، ويتزاحم المرجفون والكاذبون للظهور على القنوات الفضائية واستغلال وسائل التواصل وهمهم البحث عن الإعجاب فيما يقبع الوطن في نهاية حساباتهم، ليطلقوا العنان لتصريحاتهم النارية دون التفكير في ارتداداتها التي قد تكون خطورتها أكثر، لذا ففي المنحنيات الخطرة من عمر الدول يجب إسكات أبطال العالم الافتراضي والظواهر الصوتية والشعبويين والناعقين بالباطل، كون عبث هؤلاء يصنع الهرج والشقاء .

لذا دعوني أصفق للشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي الذي قال: "ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ"، فقد أوصلتنا الجهالة إلى مرحلة من عدم القدرة على التفكير في هموم الأمة واكتفينا بالنظر لسفاسف الأمور على أنها عظيمة، وقتلنا الإبداع وقللنا من قيمة المبدعين ليعلوا على السطح "زبد" الأمة و"غثائها" على أنهم المبدعين أصحاب الرؤى، لتزداد ديون دول وثراء أخرى، فيما العروبة تموت ولم يتبقى منها إلا لغة حفظها القران وفشلوا في تغيرها رغم الإسراع في الحبو صوب الثقافة الغربية لعلهم يُحطمون آخر حصون الأمة العربية، لكن الغرب وأتباعه سيخسرون في النهاية وسيسود الأمة عقلائها ولن تموت الأُسد في الغابات جوعاً ولن تكون مفارش ذو نسب التراب، لنجد أن لكل زمان دولة ورجال والكارثة حين لا يكون الرجال بحجم الموآقف والتحديات فيتسببون في تغيير المفاهيم وهدم تلك الدول.

بدوره قال الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور: " إن الأحمق الغرًّ لا يني يطارد سراب المتع لينتهي به الأمر، مرة تلو الأخرى، إلى الإحباط والخيبة، أمّا الحكيم فيكرّس كلّ طاقاته لتجنّب الشرور والآلام"، ويقول دويستوفسكي : "الإنسان كائن غريب ، يفضل المعاناة على الفهم بسبب الرغبة في عدم التفكير يلجأ البشر إلى أمرين الأول : إصدار الأحكام والثاني : استعارة معرفة الآخرين والتحرر من ثقل التفكير المستقل"، لذا فان من يستعجل إصدار الأحكام على الآخرين دون دليل بيّن يفقد قيمته شيئاً فشيئاً وصولاً للضياع الكامل، وحينها لن يكون قادراً على استعادة صورته القديمة التي اختفت خلف تسرعه في اتخاذ القرارات واستمرار قفزه فوق الأحداث.

آخر الكلام:

هل بيننا من يملك السيف الذي طلبه سعد بن أبي وقاص حين طلب منه القتال في حروب الفتنة، وقال يومها : لا أقاتل حتى يأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان يعرف الكافر من المؤمن؟، وهل بيننا ديوجين جديد يتجول في الأزقة بمصباح الحقيقة.؟
لذا فإن إدعاء المعرفة المُطلقة قمة الجهل..!!

مواضيع قد تهمك