نبيل غيشان يكتب : قانون ضريبة الأبنية .. اقنعوا الناس بحسن نواياكم!

أثار مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي قلقا شعبيا واسعا وجدلا متناقضا بين الأوساط الاجتماعية والاقتصادية، فمنهم من يعتقد أن القانون إصلاحي ويريد أن يربط الضريبة باليات الكترونية عادلة وآخرون يقولون أنه قانون جباية جديد يريد أن يوسع شريحة المكلفين ويزيد من الضرائب الحالية، وإن هذا الواقع الجديد سيحول ملكية العقار الى عبء على صاحبه ومصدر قلق له.
ويبدو أن الحملة الإعلامية الاستباقية التي بدأتها الحكومة في الترويج للمشروع عبر مداخلات إعلامية لوزير البلديات م. وليد المصري وأمين عمان يوسف الشواربة ورئيس بلدية الزرقاء م. عماد المومني ولحق بهم رئيس مجلس النواب احمد الصفدي ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار خالد أبو حسان، قد أثارت المخاوف أكثر من تهدئتها بسبب ازدياد عمق الفجوة في الثقة بين الرسمي والشعبي نتيجة لسوابق كثيرة يمكن القياس عليها.
في المقابل هناك حملة شعبية تقودها وسائل التواصل الاجتماعي بعد صمت الصحف الورقية وبعد دخول قناة المملكة وقناة رؤيا على الخط وتخصيص حلقة من برنامجيهما الأشهر (صوت المملكة ونبض البلد). كما قرانا رأي رئيس بلدية اربد م. نبيل الكوفحي وكذلك رئيس لجنة الاقتصاد في مجلس النواب السابق م. عمر النبر اللذين عارضا مشروع القانون مؤكدين على انه يرفع الضرائب ويضر الاستثمار.
المخاوف الشعبية مشروعة ولا يمكن إنكارها لان التجارب أثبتت أن التطمينات الحكومية ليست حقيقية، واقرب مثال على ذلك هو التحول في فاتورة المياه من الربعية الى الشهرية والزيادات التي طرأت عليها اليوم. والناس تتساءل: تُرى من مصلحة من زيادة الضرائب على الأردنيين في هذه المرحلة الصعبة اقتصاديا وسياسيا؟
الملاحظات الشعبية على مشروع القانون تتلخص في انتقال حسبة الضريبة من قيمة الإيجار للعقار او الانتفاع منه، والتي كانت تفرض بواقع 10% من قيمة صافي الإيجار، الى فرض ضريبة 1% على قيمة ملكية العقار نفسه مع إعفاءات على بيت السكن او البيت غير المؤجر، بالإضافة الى إعطاء الوزير حق إصدار التعليمات التنفيذية وخاصة تقدير قيمة الأبنية والأراضي، وهي قيمة مبالغ فيها اليوم.
من حق الناس أن تطمئن من مشروع القانون الجديد وانه لا يشكل عبئا إضافيا في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، وإذا كانت النوايا الحكومية حقيقية بأنها ما زالت ملتزمة بعدم فرض ضرائب جديدة او رفعها وان المشروع الجديد جاء من اجل التنظيم وتحقيق عدالة وشفافية، فإنها ملزمة أولا بعدم الاستعجال في مناقشة القانون، لا سيما وان تطبيقه لن يتم إلا مع مطلع العام المقبل.
طمأنة الناس يحتاج الى أكثر من مسح تجريه أمانة عمان على عينة من 14 ألف عقار من مختلف القطاعات وتخلص الى نتيجة ايجابية لصالح مشروع القانون بعدم تسجيل أي أثر مالي ضريبي جديد.
من يضمن ذلك؟؟
اقترح أن تفتح البلديات أبوابها لمدة شهر وتسمح للمواطنين بالتقدم إليها بطلب تحديد قيمة الضرائب المطلوبة منهم على عقاراتهم حسب القانون الجديد وتعطي كل مواطن وثيقة بقيمة ما يترتب عليه من ضريبة وتكون هذه الوثيقة مرجعا نهائيا يضمن قيمة الضريبة المتوقعة على المواطن. هكذا يمكن تهدئة الناس.
أصغوا للناس، خذوا مخاوفهم على محمل الجد (اللي فيهم بكفيهم). لا تمرروا مشروع القانون إلا بعد حوار طويل وإقناع الأردنيين بصدق نواياكم. لا تقلقوا! القانون سيمر بأية صيغة تريدونها، لكن مصلحة الدولة أن يقتنع الناس قبل النواب.
في آخر أيام الحكم العثماني زادت الضرائب على الناس، فكتب الشاعر إعزيز الغيشان قصيدة يقول:
إهنيالك يا هالقط ياللي ع الحيط تنط
مال ميري ما تدفع ونظامية ما بتحط