لارا علي العتوم : التأثير والوقاية

تعيش منطقتنا من اكثر من خمسة عشر عاماً تحولات وانعكاسات سياسية واقتصادية آخرها الحرب الاسرائيلية على غزة والتداعيات الاقتصادية المؤلمة للسياسات التجارية التي تبنّتها إدارة دونالد ترامب كفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات الصينية والمعادن، والتي تسببت بالاضطرابات في الأسواق المالية الدولية وارتفاع معدلات التضخم عالميًا مما أدى إلى تباطؤ في نمو التجارة العالمية وتراجع ثقة المستثمرين.
ولم يكتفِ العالم بذلك على منطقتنا، بل اضاف اليها توقعات انخفاض قيمة الدولار الامريكي لترتفع المخاوف واضافة وتيرة جديدة على الخطى والجهود العربية وهى ليس فقط ايقاف الحرب على غزة وادخال المساعدات بل التسارع لايجاد سبيل الوقاية لمواجهة موجة جديدة من الصدمات الخارجية التي ستؤثر بشدة على اوضاع منطقتنا الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني أصلاً من تحديات هيكلية مزمنة كارتفاع البطالة، وضعف التنوع الاقتصادي والاعتماد الكبير على الواردات الغذائية والسلع الأساسية، فضلاً عن هشاشة بعض الدول التي تمر بنزاعات التي تعتبر الموازنة او الاقتصاد فيها اسمياً فقط كاليمن المنقسم بين سلطتين منفصلتين وليبيا التي انقسمت لفترات إلى حكومتين بميزانيتين، وسوريا التي رغم تحررها من نظام الاسد الا انها لم تُحرر من العقوبات التي كانت قد تم فرضها عليها بسببه، والسودان الذي أصبح بالكاد قادرًا.
أما مصر والأردن ولبنان فلم يتعافوا من العجوزات المالية والدين العام المرتفع، فمصر مثلًا تجاوز دينها العام 90% من الناتج المحلي مؤخراً، ولبنان تخطى بكثير ذلك ودخل في حالة تعثّر زاد من نعقيدها وضعه السياسي الغير مستقر والحرب الاسرائيلية على جنوبه، والأردن الذي تكمن معناته ليس فقط بارتفاع نسب الدين بسبب ارتفاع سعر الدولار وأسعار الفائدة عالميًا مما جعل خدمة الدين الخارجي أكثر كلفة، بل ايضاً بتبني حكوماته مهمة التوظيف حيث تعتبر المُشغل الاول بما يزيد عليها الاعباء المالية والمسؤولية المجتمعية.
وبما ان الأمل هو ذاك الممر الذي طالما عاش من خلاله الاردن، ولان رب ضارة نافعة، فإن صدقت التوقعات وتحققت الاحتمالات وانخفض سعر الدولار قد يخفف قليلًا من الضغط إن حصل خفض في أسعار الفائدة العالمية، بما يسعفنا وبعض الدول العربية بشكل كبير.
لذلك لا يزال امامنا الكثير من التحديات والصدمات التي علينا ان نواجهها، وكما نجحنا في مواجهة الشرق الاوسط الجديد بفضل جهود ملك البلاد عبدالله الثاني وتلاحمنا نستطيع مواجهة الانخفاض المحتمل للايرادات من السياحة بجميع اشكالها ونستطيع ان نكمل مسيرة التحديث الاقتصادي بضبط مالي حازم يتجنب الهدر ويحسّن كفاءة الإنفاق كمراجعة أولويات المشاريع العامة لدينا وتأجيل غير الضروري منها.
يداً بيد نجحنا باجتياز الكثير من المفترقات بسبب الحرب على غزة، مفترقات وطنية ومفترقات وطنية عربية اقليمية، واليوم نحن أمام مفترق صادم وكبير او قصاص كبير سنحصده رُغما عنا وعلينا ان نكون يداً واحدة لمواجهته.
حمى الله أمتنا
حمى الله الأردن