الأخبار

الاب رفعت بدر : الرسالة الفاتيكانية الرمضانية هذا العام

الاب رفعت بدر : الرسالة الفاتيكانية الرمضانية هذا العام
أخبارنا :  

رسالة التهنئة بشهر رمضان من الفاتيكان هذا العام، موقعة من الرئيس الجديد لدائرة الحوار الديني في الحاضرة، الكاردينال جورج جاكوب كوفاكاد، وهو من مواليد الهند عام 1973، وتسلم بالإضافة إلى منصب مدير الرحلات البابوية الخارجية رئيس دائرة الحوار بين الأديان التي أنشئت عام 1964 بعد التغييرات الجذريّة التي شهدتها الكنيسة الكاثوليكيّة إبان المجمع الفاتيكاني الثاني، حيث انفتحت آفاق جديدة للحوار الرسميّ بين الكنيسة وأتباع الأديان، وتجلى ذلك في الوثيقة الرائدة «Nostra Aetate–في عصرنا»، والتي نُحيي هذا العام مرور 60 عام?ا على إصدارها.

تحمل الرسالة التي وضع عليها السنة الهجرية 1446 هـ إلى جوار السنة الميلادية 2025، وبمختلف اللغات، عنوان: «مسيحيون ومسلمون: ما نأمل -أو ما نرجو- أن نصبح عليه معًا»، ذلك أنّها تأتي في سنة الرجاء والأمل التي أقرها البابا فرنسيس، شفاه الله، في مطلع هذا العام الذي يعتبر اليوبيل الـ2025 سنة على ميلاد السيد المسيح، حيث تشير الرسالة إلى شعار اليوبيل وهو «حجّاج الرجاء» وتركز على التزامن في الصوم بين المسيحيين والمسلمين في هذا العام، وذلك كما تقول الرسالة «يقدّم لنا (هذا التزامن) فرصة فريدة للسير جنبًا إلى جنب، مسيحي?ن ومسلمين، في مسيرة مشتركة من التطهير، والصلاة، والمحبة. فاننا جميعًا حجاج على هذه الأرض، وأننا جميعًا نسعى إلى حياة أفضل». ما أجمل أن تكون هذه السنة توافقية بين المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم من مختلف الكنائس. وبمستطاعنا القول إنّ 57 بالمئة من سكان العالم صائمون في هذه الفترة الواحدة.

تعتبر الرسالة الفاتيكانية رمضان ليس شهرًا للصوم فقط، بل هو بالنسبة للمسلمين «مدرسة للتغيير الداخلي». لأن في امتناعه عن الطعام والشراب، يتعلم المسلم السيطرة على رغباته والتوجه نحو الأمور الجوهرية. كما أنّه «زمن الانضباط الروحي» و"دعوة لتنمية التقوى، وهي الفضيلة التي تقربنا إلى الله وتفتح قلوبنا للآخرين». ومن ثم تشير إلى معنى الصوم الأربعيني في المسيحيّة، فهو زمن يدعونا إلى مسيرة مماثلة: «فمن خلال الصيام، والصلاة، والإحسان، نسعى إلى تطهير قلوبنا والتركيز على من ينعش حياتنا ويمنحها المعنى. هذه الممارسات الروح?ّة، وإن كان يُعبَّر عنها بطرق مختلفة، تذكرنا بأن الإيمان ليس مجرد أمر يقتصر على الأفعال الخارجيّة، بل هو طريق للتغيير الداخلي».

ما الذي نرجو ان نصبح عليه معًا في هذا العام؟

تٌجيب الرسالة هو «أن نكون إخوة وأخوات في الإنسانية، نُقدّر بعضنا البعض بعمق. فإيماننا بالله هو الكنز الذي يوحدنا، رغم اختلافاتنا. إنه يذكرنا بأننا جميعًا مخلوقات روحيّة، متجسّدة ومحبوبة، ومُدعوة للعيش بكرامة واحترام متبادل. ونريد أن نصبح حماة لهذه الكرامة المقدّسة، برفض أي شكل من أشكال العنف، أو التمييز، أو الإقصاء».

ومن الملفت للنظر في هذا العهد الجديد لدائرة الحوار هو رفض كلمة «التعايش» بين البشر؛ «فنحن، المسلمين والمسيحيين، لا نريد فقط التعايش؛ بل نريد العيش معًا بتقدير صادق ومتبادل. يجب أن تُلهمنا القيم التي نتشاركها، مثل العدالة، والرحمة، واحترام الخليقة، في أفعالنا وعلاقاتنا، بأن تكون لنا البوصلة التي نصبح من خلالها بُناة جسور بدلاً من الجدران».

يا ليت هذه الرسالة تصل إلى مدارسنا وجامعاتنا، لتؤسّس على حوار حقيقي، وتعرف بأنّ تجاور الصوم زمنيًّا هذا العام بين المسلمين والمسيحيين، يدعونا إلى تعزيز العلاقات بين البشر، القائمة على التقبّل والاحترام المتبادلين، في روح الأخوّة الإنسانيّة، وفي الوطن الواحد، بروح المواطنة الصالحة والتساوي في الحقوق والواجبات.

مواضيع قد تهمك