اسماعيل الشريف يكتب : مسار الدموع
إنَّ التفكير خارج الصندوق من خلال ابتكار حلول جديدة سيجلب السلام والأمن. وسأعمل، بمشيئة الله، مع رئيس الوزراء والحكومة لضمان خطة تشغيلية لتنفيذ ذلك- سموتريتش.
تعد قصة مسار الدموع Trail of Tears من أكثر الفصول المأساوية في التاريخ الأمريكي. فقد مثّلت عملية التهجير القسري التي فرضتها الحكومة الأمريكية في القرن التاسع عشر على عدد من قبائل السكان الأصليين، وعلى رأسهم قبيلة الشيروكي، إذ أجبروا على مغادرة أراضيهم الأصلية في الجنوب الشرقي للولايات المتحدة إلى مناطق غرب نهر المسيسيبي، وذلك عقب إصدار الكونغرس قانون إزالة الهنود.
أُجبرت القبيلة على السير على الأقدام لمسافة تصل إلى ألف وستمئة كيلومتر. كانت الرحلة قاسية جداً بسبب نقص الطعام والماء والمأوى، وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والجدري. كما واجه السكان الأصليون ظروفاً مناخية بالغة القسوة، إضافة إلى معاملة غير إنسانية، مما أدى إلى وفاة ربع المهجّرين البالغ عددهم 16 ألفاً.
بعد أيام قليلة من طوفان الأقصى، أصدرت وزارة الاستخبارات الصهيونية وثيقة تقترح دفع سكان غزة نحو صحراء سيناء. كما نشر مركز ميسجاف للأمن القومي والاستراتيجي ورقة زعم فيها أن الطوفان يمثّل فرصة تاريخية لإخلاء قطاع غزة من سكانه.
ولا يتورّع الساسة الصهاينة وأبواقهم الإعلامية عن الإعلان الصريح عن هدفهم بالتطهير العرقي في غزة. فقبل بضعة أسابيع، وجّه مجموعة من أعضاء الكنيست رسالة إلى وزير الدفاع الصهيوني يطالبون فيها بإفراغ شمال القطاع من سكانه. وفي عنوان رئيسي، كتبت صحيفة هآرتس: «إذا كان الأمر يبدو كأنه تطهير عرقي، فمن المحتمل أن يكون كذلك». كما تسلّلت زعيمة حركة الاستيطان إلى شمال القطاع خلال الحرب، فيما صرّح أكثر من سياسي صهيوني بوجود مخططات سرية لبناء مستوطنات في غزة.
وقد يكون أحقر التبريرات هو الزعم بأن هذه الهجرة ستكون طوعية. فإذا مُنعت أساسيات الحياة عن شعب، وهُدمت منازله، وحُرم من المساعدات، فهل يختلف ذلك عن الإبادة الجماعية بالسلاح؟
ما يخطط له الصهاينة ليس إلا امتدادًا للإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي استمر في غزة طيلة خمسة عشر شهرًا وفشل في تحقيق أهدافه. فكيف، وقد وضعت الحرب أوزارها، يُتوقع أن يخرج أهلنا من غزة؟
برأيي، أولًا، ترحيل الغزيين إلى الأردن أمر غير واقعي، إذ لا توجد حدود مباشرة بين الأردن والقطاع. كما أن موقف الأردن كان صلبًا وواضحًا في رفض تهجير الغزيين إلى أراضيه.
بقية مقال إسماعيل الشريف
مسار الدموع
خطة تمسّ جميع الدول العربية وتهدد أمنها القومي، ولن تقتصر تداعياتها على الأردن أو مصر. لذلك، لا بد من موقف عربي موحد يصدر عن جامعة الدول العربية يرفض هذه الخطة بشكل قاطع، إلى جانب قرار مماثل من منظمة التعاون الإسلامي. كما ينبغي حشد تأييد دولي واسع لمناهضة هذا المخطط، بما في ذلك استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد على رفضه.
وعلى الدول العربية أن تدعم صمود أهلنا في غزة عبر مدّ جسر جوي وبري يوفّر مقومات الحياة الأساسية، إلى جانب إرسال الكوادر المؤهلة من أطباء، معلمين، ممرضين، مهندسين، وغيرهم من أصحاب المهن الضرورية لخدمة السكان هناك وتعزيز قدرتهم على الصمود.
وأنت، أخي القارئ العزيز، لا تبخل بجهدك ومالك في دعم إخواننا في غزة، والوقوف صفًّا واحدًا خلف قيادتنا في هذا التحدي، الذي سنخرج منه، بإذن الله، أكثر قوة وعزيمة.