عوني الداوود : «الشراكة مع أوروبا» أكبر من مجرد «اتفاقية»
بكل بساطة، فإن توقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» يوم أمس بين الأردن والاتحاد الأوروبي، التي شهد توقيعها جلالة الملك عبدالله الثاني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في بروكسل، وبحضور سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني... بكل بساطة، هذه الاتفاقية (في هذا التوقيت بالذات) تعني ما يلي:
1 - تقدير أوروبا لجلالة الملك عبدالله الثاني، ولدور الأردن كشريك أساسي للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط.
2 - تقدير لأهمية دور الأردن المحوري في استقرار الإقليم.
3 - شراكة استراتيجية شاملة تعني المضيّ قدمًا بالبناء على العلاقات التاريخية وتعزيز التعاون بين الأردن والاتحاد الأوروبي.
4 - شراكة استراتيجية شاملة تعني المضيّ قدمًا بتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة.
5 - الاتفاقية تؤكد أن الأردن «شريك مهم»، وللمملكة «دور محوري» مقدَّر، خصوصًا في مساعيها لتحقيق السلام والاستقرار في الإقليم.
لذلك، فإن البُعد السياسي والاستراتيجي لهذه الاتفاقية، وفي هذا التوقيت، ربما يكون أكبر وأكثر أهمية من الجوانب الاقتصادية والتنموية -على أهميتها أيضًا- خصوصًا بالمميزات التي احتوتها تفاصيل هذه الاتفاقية «الشاملة»... سياسيًا واقتصاديًا، وذلك على النحو التالي:
سياسيًا:
1 - أهم بند نصّت عليه الاتفاقية في الجانب السياسي: تمسك الطرفين بالحفاظ على الوضع التاريخي في الأماكن المقدسة في القدس، وعلى أهمية «الوصاية الهاشمية» على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
2 - الاتفاقية تنص على تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات (السياسية، والأمن، والدفاع، ودعم اللاجئين والدول المستضيفة).
3 - تعزيز جهود التصدي لتهريب المخدرات والأسلحة.
اقتصاديًا:
1 - الاتفاقية تنصّ على تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات (المنعة الاقتصادية، والتجارة، والاستثمار، والموارد البشرية).
2 - تحفيز استثمارات القطاع الخاص.
3 - دعم قطاعات عديدة كالمياه والطاقة والتكنولوجيا وريادة الأعمال.
4 - بموجب الاتفاقية، يقدّم الاتحاد الأوروبي حزمة من المساعدات المالية للأردن بقيمة (3) مليارات يورو للأعوام (2025-2027)، تتضمن:
(640 مليون يورو/ منح).
(1.4 مليار يورو/ استثمارات).
(1 مليار يورو/ مخصصات لدعم الاقتصاد الكلي).
أهمية هذه «الحزمة» على مدى 3 سنوات:
بمعدل (مليار) يورو سنويًا.
نسبة منها على شكل «منح»، والنسبة الأكبر «استثمارات».
أهمية هذه الاستثمارات أنها ستساهم في تنفيذ «مشاريع كبرى»، وسترفع معدلات «النمو»، وستخلق «فرص عمل»... وكلها ركائز «رؤية التحديث الاقتصادي 2033».
الاتفاقية ترجمة لعلاقة تاريخية بين الأردن والاتحاد الأوروبي، للاتفاقية التي وُقّعت عام 1997، ودخلت حيز التنفيذ عام 2002 ولا تزال فاعلة. ويعوَّل على اتفاقية الشراكة «الأميز»، يوم أمس، أن تساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين المملكة والاتحاد الأوروبي، حيث يبلغ حجم الصادرات الأردنية نحو 386 مليون دينار، مقابل نحو 2.6 مليار دينار مستورداتنا من الاتحاد الأوروبي.
*باختصار:
أهمية توقيع هذه الاتفاقية في هذا التوقيت أنها تؤكد أن الأردن، بقيادة الملك، وبما يملكه من رصيد احترام وتقدير لجلالته من قبل العالم برمّته -وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي- يملك خيارات «تعاون اقتصادي وتجاري» متعددة، تقلّل من آثار أي توقف أو تجميد لأية مساعدات، مهما كان مصدرها.
الأردن، بقيادة الملك، -وبشهادات منظمات مالية اقتصادية دولية، في مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي- يستطيع استثمار علاقاته الدولية لدعم اقتصاده المتين، القادر دائمًا على مواجهة التحديات وتحويلها إلى فرص.
الاتحاد الأوروبي في مقدمة «التكتلات الاقتصادية العالمية»، التي تقدّر دور جلالة الملك، وتثق بحكمة وحنكة جلالته كصمّام أمان للسلام والاستقرار الإقليمي، وتثق بوصاية جلالته على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وهذه الثقة تُترجم دائمًا -وفي الأزمات تحديدًا- إلى وقوف الدول الصديقة والشقيقة مع الأردن، ملكًا وحكومةً وشعبًا.
مثل هذه الاتفاقية تسند الموقف الأردني الثابت على مبادئه، والرافض لأية مساومات أو ضغوطات تحيده عن «بوصلته فلسطين وتاجها القدس الشريف»، وتؤكد موقفه المدعوم من الاتحاد الأوروبي والدول المحبة للأردن، بالرفض القاطع لكل مؤامرات التهجير والتوطين. وعلى العالم أن يدرك أن أمن الأردن واستقراره هو أمن وأمان للمنطقة والعالم.