محمد خروب : معنى أن «تتزامن» عودة أهل الأرض مع الذكرى الـ«80» للهولوكوست؟
في الوقت الذي كانت جموع الشعب الفلسطيني تتوجه في مسيرة «مليونية», نحو شمال غزة المنكوب والمدمّر, في تحدٍّ معلن لخطط التهجير والتطهير العِرقَي والتجويع الصهيو أميركية, التي مهّدت لذلك عبر تحويل محافظتَي غزة, وشمال غزة إلى أرض يباب. كان معظم رؤساء ورؤساء حكومات المعسكر الغربي المُنافق, يستمِعون لمحاضرات وشهادات وموسيقى «يهودية» في معسكر اوشفيتز ـ بيركناو في بولندا, بمناسبة الذكرى الـ«80» لتحريره على يد الجيش الأحمر السوفييتي.
وإذا كان نازحو مُحافظتَيّ الشمال الغزّي, قد سجّلوا ذلك اليوم في سِفر التغريبة الفلسطينية المتمادِية فصولاً دموية, قتلاً وإبادة جماعية وتطهيراً عِرقِياً ومواجهات شعبية لا تتوقف, بأساليب ومُقاربات نضالية ابتكارية ومختلفة, في إصرار وعِناد محمول على ثقة مُتدَفقة بالنفس وارتفاع منسوب التضحية لديه, على طريق تحرير الأرض والإنسان, ودفن المخططات الصهيوأميركية لتصفية القضية الفلسطينية, وتشتيت الشعب الفلسطيني في المنافي. فإن ما تضمّنته «شهادات» مَن وُصِفوا بالناجين «رجالاً ونساءً», من المحرقة/الهولوكوست, حفِلت بكثير ?ن المبالغات وخصوصاً في أرقام الضحايا, والتركيز المثير للإرتياب على أن «اليهود وحدَهم», هم الذين استهدفهم الوحش النازي.
ناهيك عن غياب أي إشارة من «كل» الذين تعاقبوا على المنصة, عمّا إرتكبه وما يزال يرتكبه جيش الفاشية الصهيونية, من إبادة جماعية وتجويع وتعطيش, أكدتها تقارير منظمات أممية حقوقية, مدافعة عن حقوق الإنسان منها «أميركية» مثل: هيومان رايتس ووتش, وأخرى «إسرائيلية» مثل منظمة «بِتسيلِم»,؟ فضلاً عن شهادات ضباط وجنود وصحف «إسرائيلية», ضد الشعب الفلسطيني, الذي لم يكن له أي دور في الهولوكوست, فضلاً عن أن أحداً من الـ«50» ناجياً وناجِية من المحرقة, (الذين ما يزالون أحياء, كما قال منظمو الحفل) لم يُولَد في فلسطين, بل في أورو?ا وخصوصاً دول شرقِي القارة العجوز.
بل إن هناك من ذهبَ بعيداً في بث الدعاية الكاذبة والتحريض على كراهية الشعب الفلسطيني ودمغ نضاله بـ«إرهاب» يتعرّض له اليهود في الكيان العنصري, واصفاً ما حدثَ في 7 أكتوبر/2023, بأنه لم يحدث مثله منذ المحرقة النازية, على ما إدّعى كذباً رئيس المؤتمر اليهودي العالمي/ رجل الأعمال الأميركي رونالد لودر, الذي يترأسه منذ العام 2007. عَلماً ان المُؤسس الأول للمؤتمر اليهودي العالمي, هو «الصحافي» الصهيوني الهنغاري/المَجري الشهير ثيودور هرتزل, الذي ترأّسه أيضاً من عام/1897 حتى العام 1904.
«خطبَ» لودر في كلمة مُطولة وبلهجة مُتعالية يمكن ملاحظتها على الفور, وكأنه يقف امام طلبة مدرسة إعدادية, ناظراً نحو اليمين والشمال وكأنه يتفحّص ردود فعل هؤلاء الطلبة وهم (نُخب أوروبا.. السياسية والثقافية والتنفيذية والأكاديمية, وبينهم بالطبع الأوكراني زيلينسكي, الذي كان أسلافه «نازيّو بانديرا», على تحالف مع النازي الألماني), على ما بثّه من مبالغات وأكاذيب موصوفة, لافتاً إلى أن ما يستهدفه «الإرهابيون» في الدرجة الأولى هو «العقيدة» اليهودية ـ المسيحية, التي هي أساس «ثقافتنا وحضارتنا» المشترَكة, بل مضى إلى القو? في صلف وإستعلاء: اليهود هم «الركائز الأساسية لهذا العالم», وقد تلقّواـ أضافَ ـ ضربة شديدة في السابع من أكتوبر/2023, وهي بمثابة «إنذار للعالم», مُستطرِداً في إستيلاد المزيد من الأكاذيب بالقول: ما حدثَ في إسرائيل في 7 اكتوبر, هو «نفسه الذي حصلَ في اوشيفتز» نتيجة «كُره اليهود» زعمَ هذا الصهيوني العنصري. مُواصلاً الثرثرة في استطالة مقصودة, عما حدث في معسكر اوشفيتز ـ الذي أقيم الحفل على أرضه مساء أول أمس ـ حيث الأطفال فُصِلوا عن أمُهاتهم, وتم سوقهم إلى غُرف الغاز, وأن هذا المعسكر/اوشيفتز «بُنِيَ بسبب مُعاداة ا?سامية لقتل اليهود».
مُختتماً «موعظته» العنصرية/التحريضية, بسلسلة من الأوامر على النحو التالي: ممنوع التزام الصمت على مُعاداة السامية واليهود, الذين باتوا يُواجَهون بكراهية نسبة كبيرة من الشباب الأميركي, الذين تقِل أعمارهم عن 25 عاماً, وهؤلاء ـ أضافَ ـ قادة المستقبل, إنهم يبثون الكراهية.. كراهية اليهود, وهي كراهية أكبر مُنتشِرة في فرنسا, الولايات المتحدة, إيطاليا, انجلترا, وسولوفينيا. ما لبثَ أن إنخرط في إعطاء «الحضور» مُحاضرة أكاديمية عن معنى «الكراهية» قائلاً في طاووسية: الكراهية هي نقيض الحُب, اللامبالاة هي «نقيض» الكراهية,?لهذا اردفَ لودر: علينا بل «ممنوع» أن نلتزم الصمت إزاء مُعاداة السامية, التي انتشرت في الجامعات الأميركية, وأدّت الى فصل طلاب يهود «فقط» لأنهم يهود.
في السطر الأخير... وصلَ الحفل الصهيو ـ يهودي الدعائي الى نهايته, بعد ان أدّتْ جوقة من الحاخامين, الذين «لفوا» حول رقابهم علمَ إسرائيل وأقمشة صلاة, نصوصاً وأدعية توراتية شاركَ فيها بحماسة رونالد لودر, ثم قرأ رجل دين/مسيحي بعض الأدعية والنصوص, أعقبَه رجل «عادي» بدون ملابس «دينية» ولحية خفيفة, بدا وكأنه «مُسلم», القى كلمة مُقتضبة. وتفرق الجمع بعد ان صفَّق كثيراً ووقوفاً أكثر من مرة لشهادات «الناجين والناجيات» وخصوصاً لـرئيس المؤتمر اليهودي العالمي.. «لودر». ــ الراي
kharroub@jpf.com.jo