خلدون ذيب النعيي : رسائل الشوق والإصرار الغزاوية
«الأرض بنبنيها واللي ماتوا اختارهم الله لجنانه ورحمته « بهذه الكلمات العفوية وبلهجتها المحببة أجابت العجوز الغزاوية المذيع وهي تحمل متاعها عائدة الى بيتها المهدم في شمال غزة ، الفرح والأمل بالبدء من جديد بقوة وإصرار شأنها شأن من كانوا معها في السيل البشري الهائل الذي علّم الحضارة والإنسانية كيف يكون الاصرار والوفاء ، هذه الحضارة التي تركت شعب اعزل بأطفاله ونساءه بين يدي جيش لا يعرف القتال بقدر معرفته بالقتل والاجرام لمدة 15 شهراً، ولكن في اللحظة التي ظن بها هذا الجيش وهذه الحضارة المزعومة ان يكسر صمود هذا الشعب فكان الرد من خلال من خلال هذه العجوز ومن اطفال غزة الذين كانوا يتقافزون لعباً على دبابات الميركافاه الأسطورية المدمرة في نتساريم وجباليا وبيت حانون .
«تقفون كشجرِ الزيتون كجذوع الزمن تقيمون كالزهرةِ كالصخرةِ في أرض الدار تقيمون « بهذا المقطع من أوبريت جسر العودة لفيروز كانت تبدأ الإعلامية الراحلة كوثر النشاشيبي برنامجها الإذاعي «رسائل الشوق» الذي كان يذاع في طفولتنا .. لقد فهم الغزازوة بالأمس المعادلة جيداً فكانوا كشجر الزيتون والصخرة في أرضهم ، فلا نزوح ولا لجوء بعد اليوم .. ، هي رسالة الطفل والمرأة والرجل من غزة والضفة وسائر فلسطين ، لقد سمعوا من أبائهم مرارة ذكريات اللجوء في نكبة 1948م فكان القرار بعدم تجرع مرارتها تحت أي ظرف ، نعم هي رسالة وان كانت تحمل الشوق الدائم لتراب وطنهم فلسطين فهي تحمل ايضاً ألق الإصرار الذي يليق بهم وهم يتشبثون بارضهم رغم العدوان والقتل الاسرائيلي المدعوم من الدول الكبرى منذ ما يزيد عن مائة عام وكأن المعادلة ما زالت في بداياتها .
نعم فقد جاء الرد غزاوياً ، فقد قضي القول ....الرد على مشاريع التهجير والتوطين أياً كان مصدرها وسيناريوهاتها ، الرد على ترامب مهندس صفقة القرن التي سقطت في مهدها ، الرد على الأرهابي سموتريش الذي ما زال يحمل اسم بلدته الأوكرانية كأسم لعائلته ، الرد على رفيقه بالأرهاب بن غافير الذي انبطح تحت السيارة في عسقلان جبناُ بعد سماع زامور التحذير القادم من غزة وهو الآن ينظَر لاستمرار العدوان أمام عائلات أسرى كيانه .
شكراً غزة وأهلوك الكرام وانتم تعلموننا بعزتكم وخجلنا بأن العاثُر ينهض والنازح يرجع والمنتظرون يعودون وشريد الخيمة يرجع.. فقد حصحص الحق بفعل ولسان أهل غزة فكان حق أن تكون لكم الشمس ولكم القدس والنصرُ وساحاتُ فلسطينْ ..
ــ الدستور