د. سليمان علي الخوالدة : « تنظيم الأصول الافتراضية: نقلة نوعية للاقتصاد الرقمي الأردني»
في خطوة مواكبة لتحوّل ومستقبل رقمي شامل، أعلن مجلس الوزراء عن قراره بتنظيم التعامل بالأصول الافتراضية والرقمية في المملكة. هذا القرار يأتي في توقيت حاسم يشهد فيه العالم تطورات سريعة في مجالات الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، وأصبحت الأصول الافتراضية، بما في ذلك العملات الرقمية، جزءًا لا يتجزأ من التداولات المالية عبر منصات رقمية عالمية. واستجابة لهذه التطورات، جاء متطلب وضع إطار قانوني وتنظيمي شامل لتنظيم التعامل بالأصول الافتراضية في المملكة حيث يهدف هذا الإطار إلى حماية المشاركين وضمان مشاركتهم بشكل آمن، ويعد خطوة أساسية لضمان سير العمل في هذا المجال بشكل منظم وشفاف، مما يسهم في تحقيق تطور مستدام لسوق الأصول الافتراضية.
تأتي عملية تنظيم التعامل بالأصول الافتراضية ضمن خطة استراتيجية أوسع تهدف إلى تطوير الاقتصاد الرقمي في الأردن، حيث يوفر المجال لفرص إبداعية للشباب الأردني في هذا المجال الجديد. ويعد تأسيس العديد من منصات العملات الرقمية الناجحة على يد أردنيين دليلًا على قدرة الشباب المحلي على الابتكار في هذا القطاع، وهو ما يعزز من مكانة الأردن كمركز تكنولوجي ناشئ. والمساهمة أيضا في جذب استثمارات جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي. مما يساهم في تمكين الشباب والبدء بمشاريعهم في مجال التكنولوجيا المالية، الذي يُعتبر أحد أسرع المجالات نموًا في العالم. هذا سيسهم في تعزيز قدرة الأردن على المنافسة في السوق الرقمي العالمي.
علاوة على ذلك، سيسهم هذا التنظيم في توفير بيئة آمنة وشفافة تحمي المستثمرين، وتمنع الجرائم المالية مثل غسل الأموال. وتطبيق معايير دولية في مجال الحوكمة وحماية البيانات من التهديدات السيبرانية.
لكن مع أهمية التنظيم ، لا بد أن تؤخذ بعض التحديات في الحسبان. فمثلًا، قد يواجه بعض الأفراد والشركات مقاومة للتغيير عند تطبيق نظم جديدة. لهذا، سيكون من الضروري أن تقوم الحكومة بتوفير برامج توعية شاملة وتدريب تساعد الجميع على التكيف مع هذه القوانين وتعزيز التوعية بالفوائد، كما يتطلب الأمر التوازن بين السرعة في التنفيذ ودقة التخطيط، ما يقتضي منح الأطراف المعنية الوقت الكافي لفهم التشريعات الجديدة والتفاعل معها بشكل مناسب.
إضافة إلى ذلك، يجب تكثيف الجهود في جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالأصول الافتراضية وتوجهات السوق المحلية والعالمية، لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة تدعم الاستدامة والنمو في هذا القطاع الناشئ.
ان هذا القرار يعكس التزام الحكومة الأردنية بتوفير بيئة مواتية للنهوض بالتكنولوجيا والابتكار في كافة المجالات، بما في ذلك التكنولوجيا المالية. حيث إنه ليس مجرد خطوة نحو تنظيم الأصول الافتراضية، بل هو متطلب أساسي يتماشى مع التحديثات الجارية التي يشهدها الأردن في كافة القطاعات، وتحديدًا في إطار رؤية المملكة للتكنولوجيا المستقبلية وتعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي رائد في مجال الابتكار التكنولوجي. مما يتيح للأردن الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي توفرها الأصول الافتراضية، وتعزيز مكانته كمركز عالمي للاستثمار في هذا القطاع الناشئ. إضافة الى انه خطوة محورية لجذب الاستثمارات العالمية، التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي الوطني ودعم تطوير البنية التحتية التكنولوجية في المملكة. علاوة على ذلك، فإنه يُسهم في دفع الأردن نحو التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي في مجال التكنولوجيا المالية والابتكار الرقمي.
ــ الدستور