محمد خروب : ماذا عن «كيس الهدايا» الترامبية لنتنياهو.. مقابل «تمرير» الصفقة؟
في مقالة الخميس الماضي التي جاءت تحت عنوان: ترامب الساعي لـِ«جائزة نوبل»...ومُغدِق «الهدايا» للدولة الصهيونية. أشرنا الى ما كشفَ عنه رونين بيرغمان, محرر الشؤون الأمنية والاستخبارية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العِبرية, وثيق الصلة بالدوائر الصهيونية وخصوصا الأميركية, ذات الصلة بالعمل الاستخباري في تل أبيب وواشنطن, ناهيك عن بعض العواصم الإقليمية.
وإذ بات مؤكدا دخول «هدنة الـ42» يوماً حيِّز التنفيذ «اليوم/الأحد», وقبل «24 ساعة» من حفل تنصيب ترامب, للبدء بتطبيق «مندرجاتها» (إلاّ إذا أخرجَ مُجرم الحرب/نتنياهو.... «أرنباً» جديداً لتعطيلها). فإن التسريبات بدأت تُطل برأسها حول «الثمن» الذي ستقبِضه دولة العدو الصهيوني بل ونتنياهو شخصيا, خاصة بعد نجاح الأخير في تصوير وضع إئتلافه الفاشي وكأنه بات مُهددا بالتفكّك, إثر التمرّد «المسرحي» الذي قام به الثنائي الكاهاني والصهيوني الديني, بن غفير وسموترتش, بتهديد الأول الانسحاب من الحكومة, وإمهال الثاني/سموترتش.. ن?نياهو حتى تنفيذ «المرحلة الأولى» من الصفقة ثم العودة الى الحرب, وقيل ان نتنياهو بذلَ له وعداً بذلك.
من هنا يمكن القول ان كل ما قيل عن نزوع «ترامب الثاني» الى نهج جديد, تجاه المنطقة وبخاصة تجاه القضية الفلسطينية, يختلف عن «إرث ترامب الأول", لا يعدو كونه تضليلاً, رغم ما بات معروفا انه كان «المُحرك الأول", لدفع نتنياهو للقبول «المشروط» بالصفقة. وإن كان الصهيوني/بايدن والمُتفاخِر بيهوديّته/بلينكن, شريكا للعدو الصهيوني في حرب الإبادة والتطهير العرقي والتجويع, زعما وما يزالان, أنهما كانا وراء إتمام صفقة كهذه.
هنا يبدأ رونين بيرغمان إستنادا الى المَصدر الأميركي الُمُطلِع «على التفاصيل» وِفق وصفه, بالكشف عن محتويات «كيس الهدايا", الذي وعدَ ترامب الثاني, مبعوث نتنياهو وكاتم أسراره, الذي يشغَل حقيبة الشؤون الاستراتيجيّة/ رون ديرمر, عندما التقاه في مُنتجعه الفخم بولاية فلوريدا, بأنه إذا «وافقوا» على وقف اطلاق النار وانسحاب الجيش من القطاع, فانه «سيدعم إسرائيل إذا قرّرت استئناف القتال وخرَقتْ وقف النار». وهذا ربما ــ يلفِت بيرغمان ــ يحل لنتنياهو مسألة واحدة، لكن من غير المُؤكد أن هذا سيكفي لتهدئة أعضاء الائتلاف من ا?جناح اليميني ــ القومي المتطرف والاستيطاني، الذين يُمكن أن يعتبروا ذلك تنازلاً لا يمكن تصوره. وقالت مصادر «أخرى» يَردِف الكاتب ــ بأن (كل ما يحدثْ امام الجمهور، بما في ذلك مُعارَضة اليمين، هو «جزء من العرض المُتفَق عليه").
ثمة أيضاً ما يثير الفضول في ما كشفه بيرغمان, عن «تطبيق» او قل نظام «بيغاسوس التجسّسي» الصهيوني, الذي اخترقَ هواتف رؤساء دول عديدة وخصوصا «غربية", فضلا عن شخصيات ومنظمات وهيئات وتنظيمات, روّجت واشنطن «كذِباً» أنها حظرته ووضعته على القائمة السوداء, لكنه عاد يعمل في نهاية عهد ترامب «الأول», ودونما إكتراث بإدارة بايدن. وها هو ترامب وفق بيرغمان, يَعرِض على قادة الدولة المارقة «قوننته» وتفعيل دوره في «الدبلوماسية الدولية», بدعم أميركي, كجزء من كيس الهدايا, مقابل الموافقة على الصفقة.
من غير المؤكد ــ يستطرِد الكاتب ــ اذا كان سموتريتش وبن غفير, سيكونان راضيين اذا تم اعطاؤهما «بيغاسوس»، لكن بعض المصادر تقول إن وزير المالية على الأقل يمكن أن يحصل على «هدية ثمينة» على شكل «المُصادقة على البناء», في «يهودا والسامرة/اي الضفة الغربية», بحجم كبير، ومنعِ مُقاطعات وعقوبات إضافية.
في «كيس هدايا» ترامب ــ يواصِل بيرغمان ــ يمكن أن نجد أيضاً «إلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن, على المستوطنين وجهات في اليمين المتطرف»، ممن عانوا جداً من هذه الخطوة، بعد أن اقتنع الرئيس التارِك, بأنه «لا يوجد لإسرائيل أي نية لتطبيق القانون عليهم». وهناك أيضا مؤشرات إلى أن ترامب ينوي شن «حرب ضروس» ضد المحكمة الجنائية الدولية، وضد مذكرات الاعتقال التي صدرت ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق/غالنت. وضد خطوات يُحتمَل أن يتم اتخاذها هناك ضد شخصيات إسرائيلية رفيعة أخرى.
لم يلبث/بيرغمان ان أعاد «التذكير» بأن إدارة ترامب السابقة, «ناضلتْ» ضد إجراءات في محكمة العدل الدولية، التي تناولت اتهامات بتنفيذ جرائم حرب أميركية في أفغانستان، ولكن من تحت السجاد ــ يكشِف الكاتب ــ تم هذا النضال بـ"مساعدة كبيرة من الاستخبارات الإسرائيلية». في الأيام القريبة القادمة ــ يختِم بيرغمان ــ سيكون بالإمكان رؤية هل كان أسلوب العصا والجزرة كافياً؟. وما اذا كانت «حماس» تعتقِد أن الظروف قد نضجت وحصلت على ضمانات خاصة, بها بأن إسرائيل لن تُسارِع، كما توَعدَ نتنياهو، لتستأنف القتال؟.
هل سألتم عن حماسة ترامب وتعهّده كـ«جزء من كيس الهدايا»,. لكن الذي بات «طيّ الكتمان» حتى الآن بلا إجابة, هو السؤال: هل سيمنح «ترامب الثاني», الكيان العنصري الاستعماري, الضوء الأخضر لـِ«ضم» الضفة المُحتلة؟
kharroub@jpf.com.jo