جمال اشتيوي يكتب : ..وضمدت غزة جراحها، بالدم والتراب وصبر الأنبياء، وجففت دمعها بمناديل الفجر وشمس الحرية
...وضمدت غزة جراحها، بالدم والتراب وصبر الأنبياء، وجففت دمعها بمناديل الفجر وشمس الحرية ...تتكيء على جبل من نور، يصعد على السماء .
وانتصرت إرادة الارض المقدسة، على جبروت الاحتلال، وستبقى دماء أطفال غزة لعنة تطاردهم ، وتدك حصونهم حتى تنهار .
تاريخ حفر في جبين حقبة جبانة من عمر البشرية الصامتة، بشرية أغمضت عينيها عن شلال دم ملأ شوارع القطاع.
إنتصرت غزة رغم الخسارات الكبيرة، فغادرت روح الروح في معراج الى جنان الخلد، لتجد أمامها آلاف الشهداء يقبضون على أبواب الجنة، فرحين بما آتاهم الله من فضله، كل منهم يشفع بسبعين من أهله، فاللون لون الدم والرائحة رائحة المسك.
قاتلت المقاومة بكل ما أوتيت، حتى العصا لم تكن آخر سلاح، ولم تكن يا رب للهش على الغنم, بل كان فيها مآرب أخرى للسنوار، وأدناها أن المجاهد يقاتل بإرادته قبل كل شيء، وأعلاها لا يعلمه الا الله .
وماهر الجازي، وريث الكرامة، ابن الجنوب، ابن الأردن،مصنع الرجال، أبى الا أن يسطر المجد، مدارج للعلا، كما سطره الآباء الاوائل في باب الواد واللطرون والسموع ....هو الأردن دوما يأبى إلا أن يكون في خندق الكرامة والشرف، فطوبى ...فطوبى للشهداء وورثتهم .
الأردن، من شماله الى جنوبه, ومن شرقه الى غربه بكل عشائره ، بقي قلبه معلقا هناك، يمد العون، لغزة الجريحة، فظل المدد يتدفق من شرايين عمان من حي الطفايلة، من معان ، الكرك، من اربد ،المفرق ،عجلون ،البلقاء ،مادبا ،الزرقاء، جرش، إربد، الرمثا، العقبة الطفيلة، والبلقاء ....يتدفق عبر الهيئة الخيرية الهاشمية، وصقور سلاح الجو ينزلون الإغاثة لطفل منكوب باستشهاد أبيه أو أمه ، أو لأم فقدت أطفالها....
وتحية فخر وإجلال لإعلامنا الرسمي والخاص، الذي بقي منتصرا لجرح يثعب دما، فما تغير لونه ولا لغته، وبقيت فلسطين بوصلته.
والمستشفى الميداني الأردني ما زال جنوده مرابطون في الميدان، فوجودهم هناك بلسم يطبب الجراح ويغيث الملهوف، وحياتهم في خطر لتأدية مهمة إنقاذ الشقيق وتوأم الروح، فالألم واحد والنبض واحد، والدم واحد ، لذا سيبقى النشامى هناك ليبقوا النبض حيا، ليتدفق الدم في شريان أنهكته المعارك .
الجرح أكبر من كبير، وفلسطين ما زالت تئن، ففي كل قلب شريف، نزيف، نزيف ألم وحسرة وعذاب ضمير أساسه العجز، العجز عن كبح جماح احتلال مجنون.
لكننا نثق بالله، فالله لا ينسى، وهو العدل وهو القاهر لعباده....وما يواسي النفس أن التاريخ لم يسجل خلود محتل في أرض غيره ....
إنما هو وعد الآخره، عاجلا أم آجلا، سنصلي جميعا في القدس