علاء القرالة : من هو «الفقير» بلغتهم؟
بالتأكيد هناك فرق كبير بين فقير يتعفف ويشكر ويحمد، وفقير يجد في «نقص الكماليات» نوعا من انواع الفقر بدرجات، وآخر يدعي الفقر ويكثر من «التذمر والشكوى» لكي لا يحسد من احد او لا يطلب منه احد الاقتراض، فمن هو الفقير؟
اكتب اليوم، بعدما بدأت اشهد على موجة من البكائيات التي يمارسها بعض من «الشعبويين والمبتزين» بحجج ان هناك فقراء بوطني، ولا اعرف ما هو الجديد فـ"الفقر"موجود منذ بدأت الدنيا الى ان تنتهي فما بالكم في وطن هو بالاصل فقير بـ"الموارد الاقتصادية"والامكانيات ويناضل ويكابد الدنيا لينتصر على ظروفه الصعبة ويسعى جاهدا لتوفير ما يستطيع توفيره لرفاه شعبه.
الغريب انني توصلت وللاسف لنظرية جديدة في تعريف الفقير بالاردن، فهناك «فقراء» فعلا الا انك لا تسمع منهم سوى الحمد والشكر وتجدهم من العفة اغنياء لا يطلبون ولا يتذمرون ولا يشكون ابدا، وهؤلاء تحديدا لا ننكر وجودهم كما هم موجودون في كل الدول؛ الغنية والفقيرة، الا ان الدولة لدينا تبذل جهودا كبيرة لتطويع التحديات امامهم وتخفيف المعاناة عليهم وبتوجيهات ملكية لا تنقطع ولا تغيب عنهم.
النوع الثاني، هم عدد لا يستهان به ممن يتذمرون ويشكون لاجل رد عين الحاسدين عنهم وقطع الطريق عمن يريدون الاستعانة او الاستدانة منهم وعند سؤالهم عن حالهم يبررون تذمرهم بهموم الناس ووجود فقراء في الوطن وهؤلاء يخفون حمدهم وشكرهم والنعم عليهم رغم ظهورها بالعين المجردة لبسا ومسكنا ومعاشا وفي كل شيء لينطبق عليهم القول «اسمع كلامك استعجب وارى حالك فاستغرب».
وأما النوع الثالث من مدّعي الفقر وهم من «يسودون الآن» يعتبرون مثلاً عدم امتلاكهم لهاتف"اي فون» فقراً رغم أنه يمتلك هاتفاً أقل سعر صيني، ويرون ان ذهابهم الى البحر الميت وليس شرم الشيخ فقرا، ويرون في تدريس ابنائهم في مدارس حكومية وليس في مدارس خاصة فقرا، ويمتلكون كيا سيفيا أو أي مركبة قديمة ولا يمتلك سيارة مرسيدس أو حديثة فقراً.
هم أيضاً يجدون بقاءهم في شقة وليس فيلا او بيتاً مستقلاً فقراً، ويعالجون في مستشفى حكومي وليس خاصاً فقراً، كما انهم يجدون في شراء لبسهم من التصفيات والبالات وليس الماركات فقرا، كما أن كل من اقترض من البنوك لأجل شراء بيت أو مركبة أو كمالية ويترتب عليه اقساط يسجل نفسه في خانة الفقراء.
خلاصة القول؛ لا استغرب عندما يتحدث أحد عن وجود فقير بدولة غنية نفطية او صناعية، بينما استغرب عندما يتحدث البعض عن وجود فقراء في دولة هي بالاصل فقيرة بالامكانيات والموارد ولا تمتلك الا المورد البشري الذي به تحدت الظروف وقهرتها وابهرت العالم، لهذا لا ننكر وجود النوع الاول ونحذر النوع الثاني والثالث من زوال النعم، وللمعلومة فقط «الاردنيون يحسدون» على ما هم به من نعم واسألوا العالم. ــ الراي