اسماعيل الشريف يكتب : الولاية الواحدة والخمسون
«العلاقة بين الولايات المتحدة و»إسرائيل» هي أكثر من مجرد شراكة استراتيجية. إنها علاقة قائمة على الروابط التاريخية والثقافية والقيم المشتركة. إن التزام أمريكا بأمن» إسرائيل» لا يتزعزع.» - باراك أوباما
هل يختلف ترامب مع هاريس في دعم الدولة المارقة إذا ما فاز في الانتخابات؟
يجيب عن هذا السؤال النائب الجمهوري آندي بار، ففي المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي عُقد في ميلووكي، صرّح بأن دعم «إسرائيل» يُعتبر جزءًا من أيديولوجية «أمريكا أولاً»، واصفًا إياها بأنها «درع أمريكا ضد الإرهاب» وعنصر أساسي في «القيم اليهودية المسيحية» الأمريكية. وفي المؤتمر نفسه، دعا النائبان جاري ريخنتستالر وماكس ميل إلى تشريع يمنح الأمريكيين الذين يلتحقون بجيش الحفاضات المجرم نفس المزايا التي يحصل عليها المنضمون إلى الجيش الأمريكي.
إذن، فلا عجب أن تُسمى الدولة المارقة بالولاية الواحدة والخمسين للولايات المتحدة، فالولايات المتحدة تتعامل معها على هذا الأساس حتى لو لم يكن هنالك اتصال جغرافي كولايتي ألاسكا وهاواي.
الدولة المارقة لا تنطبق عليها كلمة الحليف؛ فالعلاقة بين الحلفاء تتسم بالمشاركة والتبادل والأخذ والعطاء. أما في حالة هذا الكيان، فهو يأخذ ولا يعطي. إذ تقوم الحكومات المحلية الأمريكية بشراء سندات صهيونية تُستخدم لدعم الاستيطان وقتل الأطفال، كما تُقدّم المؤسسات والصناديق الفيدرالية الدعم للكيان الصهيوني وهي على دراية تامة بمصير هذه الأموال، بل وتحظى بإعفاءات ضريبية أيضًا، شأنها شأن أي ولاية أمريكية أخرى.
لا أحد ينظر إلى هذه الدولة المارقة ككيان منفصل، بل كجزء لا يتجزأ من الولايات المتحدة، وعلاقتها بها علاقة تكاملية تخدم مصالح جهات أمريكية عديدة، أهمها:
?الحركة الصهيونية المسيحية: نشأت قبل قيام الكيان، وأصبحت اليوم منظمة ذات تأثير واسع في السياسة الأمريكية تحت مظلة «المسيحيين المتحدين من أجل «إسرائيل»، وتضم 9 ملايين عضو، منهم 5.5 مليون عضو فعّال. تؤمن بأن توسع الدولة المارقة وعودة جميع يهود العالم إلى فلسطين وبناء الهيكل الثالث سيؤدي إلى نزول المسيح. في مفارقة غريبة، يؤمنون بأنه سيعود ليقتل اليهود.
?المجمع الصناعي العسكري: يعتمد هذا المجمع على الحروب والتوترات السياسية لتحقيق مصالحه. ولا يوجد كيان أفضل من هذا يوفر له هذه الحروب والتوترات؛ إذ وحدها حرب غزة جلبت له 18 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.
? تحقيق مصالح الولايات المتحدة في المنطقة: تعمل الدولة المجرمة على تأمين المصالح الأمريكية من خلال حماية الممرات المائية، والسيطرة على النفط والغاز، وخوض الحروب نيابةً عنها، حيث تمثل مخلبًا وقاعدة متقدمة للولايات المتحدة في المنطقة.
ولتحقيق هذا التكامل، يعمل أبرز رجال الأعمال الصهاينة والمؤسسات الصهيونية على إيصال السياسيين الموالين لهم وإقصاء المناهضين لبعض من سياساتهم. ولا ينبغي أن ننسى أن المشروع الصهيوني الاستيطاني انبثق من رحم الفكر الغربي العنصري، ويعيد تنفيذ ما قامت به الدول الاستعمارية الكبرى: إبادة السكان الأصليين، السيطرة على الموارد، والتوسّع بلا حدود. كل ما يفعله الصهاينة اليوم هو تكرارٌ لما فعله المستعمرون سابقًا.
لذلك، من الخطأ أن نتساءل: من يحكم من؟ أو من هو المرشح الأفضل لقضايانا؟ فالعلاقة بينهما تكاملية، وقد أثبت طوفان الأقصى أنهما كيان واحد يجلس على قمته الشيطان نفسه. ــ الدستور