حسين الرواشدة يكتب: ماذا تعني «جبهة وطنية» قويّة وموحّدة؟
ما المطلوب، أردنياً، لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة؟ الإجابات التي سمعناها متعددة، تتوزع على منظومة «جهوزيّة» الدولة بكافة مؤسساتها وإداراتها العامة، وتنضوي تحت عناوين التعامل مع الأمر الواقع، أو التكيف أو المناورة وشراء الوقت، لا يوجد لدينا استراتيجية معلنة تتبناها أحزاب، أو تطرحها مراكز دراسات للنقاش العام، «اللازمة» الوحيدة التي تتكرر على ألسنة معظم من يتطوع للإجابة عن هذا السؤال هي :»الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية».
صحيح، الجبهة الداخلية مهمة، والعمل على تمتينها وحمايتها وتحصينها ضرورة وطنية، لكن السؤال الأهم، هو : كيف نفعل ذلك؟ هذا يحتاج إلى نقاش طويل وعميق، تشارك فيه إدارات الدولة وقوى المجتمع، ويفضي إلى توافقات ملزمة، تضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية.
أول ما يجب أن نفكر به هو الاعتراف بأن جبهتنا الداخلية ليست كما يجب ونتمنى، فهي تعاني من إصابات وجراحات ومواطن ضعف، كما أنها تعرضت -ولا تزال - لمحاولات من العبث والتفتيت والاستقواء، الأمثلة عديدة تعكسها تقارير «حالة البلاد»، وأرقام استطلاعات ثقة الأردنيين بأنفسهم ومؤسساتهم، ومؤشرات التراجع التي طرأت على معظم قطاعات التعليم والاقتصاد.. وغيرها.
في هذه المرحلة، بالذات، لابد أن نصارح الأردنيين بالواقع والقادم، وأن نكاشفهم بما نريده وما يُراد منا ولنا، ما قاله الملك في خطاب العرش أمام مجلس الأمة العشرين (نحن دولة راسخة الهوية، لا تغامر في مستقبلها.. ومستقبل الأردن لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبي مصالحه، أو تخرج عن مبادئه) يجب أن تصل رسائله لكل الأردنيين، وأن يُشكل عنوانا مشتركا لأي نقاش حول المرحلة القادمة، أقصد مسألة الهوية الأردنية التي يجب أن تكون محسومة باتجاه واحد وهو الأردن، مسألة مستقبل الأردن الذي لا يجوز ان يخضع أبدا للمغامرات، ومسألة المصالح العليا للدولة كأولوية تدور في فلكها كل ما سواها من قضايا ومصالح أخرى.
بقية مقال حسين الرواشدة
ماذا تعني «جبهة وطنية» قويّة وموحّدة؟
ماذا تعني جبهة وطنية قوية وموّحدة؟ إدارات ومؤسسات عامة يديرها أكفاء، وتتمتع بالاستقلالية، وتنسق فيما بينها، ولا تتداخل خطوطها مع بعضها، تضع امامها هدفاً واحداً وهو الحفاظ على الدولة، والقيام بواجباتها بمنتهى الإخلاص والحرفية، مجتمع أردني حيّ وفاعل، يؤمن بالأردن وينتمي إليه، ويقدم مصالح الدولة الأردنية على كل ما سواها من اعتبارات، يمتلك الوعي على تاريخه ورموزه الوطنية، ويعرف أعداءه، ويحدد مستقبله، لا يقبل أي حزب أو تيار يغرد خارج السرب الوطني، جماعة وطنية تشكل «الرأس» للمجتمع، وتنهض لقيادة الرأي العام، وتعقلن المواقف العامة، لا تهرب أو تختبئ وقت الأزمات، تضبط ساعتها على توقيت «هنا عمان»، حيث مصالح الدولة العليا، لا على حسابات ومصالح وامتدادات سياسية أو ايديولوجية عابرة للحدود.
جبهة وطنية موحدة تعني إقامة موازين العدالة، وفتح فضاء الحريات العامة، وتجفيف منابع المظلوميات والفساد والمحسوبيات، تعني، أيضاً، مسؤولين يتخذون قراراتهم بلا خوف ولا تردد، تعني، ثالثاً، تدشين ورشات عمل وطني تتحدث باسم الأردن، وتفكر كيف ينهض اقتصاده، وتُبنى ثقافته وفنونه وتُعظّم إنجازاته، وكيف يُخاطَب شبابه وتُستَثمر طاقاتهم، ويُعاد المهاجرون منهم لوطنهم، تعني، رابعاً، تقديم نماذج وطنية تلهم أجيالنا، الشهداء والمبدعون و»كبار البلد» الحقيقيون هم هؤلاء الملهمون، يعني، خامساً، العَلَم الأردني الوحيد الذي يرفرف في سمائنا، العرش الهاشمي هو الخيمة التي تجمعنا، الجيش العربي مصدر اعتزازنا وإجماعنا، الهوية الأردنية هي الفلك الذي ندور فيه بلا إضافة أي عنصر، أو استدعاء أي بديل.
الدستور