الأخبار

د محمد العزة يكتب : الأردن والجائحة الاقتصادية

د محمد العزة يكتب : الأردن والجائحة الاقتصادية
أخبارنا :  

عناوين ودعوات الاستدارة إلى ملفات الشأن الداخلي لوطننا الاردني والتركيز عليها، تحظى اليوم بالأولوية والمحور الرئيسي على الساحة السياسية والشعبية الأردنية، بل إن القرارات الحكومية المتعلقة بها تتصدر اولى صفحات المواقع والصحف الإخبارية، خاصة بما يتعلق بالملفات والمؤشرات الاقتصادية، كونها الأساس التي ترسم ملامح الاستراتيجية الحكومية الهادفة إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، التي باتت حاجة ضرورية لجميع الطبقات الاجتماعية فقراء، وسطى، حتى الغنية منها ونسعى جميعا لتضافر الجهود معا لتجاوز هذه الحالة الاقتصادية الصعبة الراهنة والضائقة المالية الخانقة التي نعلم جميعا أنها نتاج عوامل خارجية وداخلية وأنها لا تمر فقط على وطننا الاردني بل على المستوى الدولي ودول المحيط العربي والإقليمي، ووصلت إلى حد عنق المجتمع الاردني وما تثقل على كاحله وعواهنه من مصاريف ونفقات وتآكل للدخل وضعف في القوة الشرائية، وكأنها جائحة مرضية تذكرنا بجائحة كورونا 2019 لكنها اقتصادية تستهدف الجهاز والجسد الاقتصادي عابرة للدول والقارات ولعل هذا ما دفعني في جعل عنوان المقال والمقاربة والمقارنة بين الجائحتين والتدابير التي اتخذتها الحكومات الأردنية في مواجهة الاولى، حيث أن الوصف الذي جاء في المقدمة ماهو الا تعبير عام عن رأي مواطن من الطبقة الشعبية يعيشها معها، مشتبك مع الحالة السياسية الحزبية وبرامجها ومع كوادرها ومنهم الاقتصادية وهم الاولى في الكتابة عنها لأنهم أصحاب الاختصاص والخبرة ونعلم الفرق أن تكون داخل الموقع وخارجه، لكن الواجب يحتم علينا التصدي لها وحدة واحدة.
الدولة الأردنية ذات المئوية الثانية عبرت ملكيتها الثالثة نحو ملكيتها الرابعة كعهدها بكل ثقة واستقرار واتزان وأمن وأمان، ولم تؤثر أو تمس التغيرات والاحداث التي حدثت في زمان الملكية الثالثة رغم خطورتها وخصوصيتها الأمنية على سيادته ووحدة أراضيه وحتى اقتصاده الذي تضرر لكن تعافى سريعا، ويكمن السر والتفسير أن الاحداث الامنية والعسكرية كانت داخل البيت العربي على الأغلب مع نسبية ضئيلة للتدخلات الخارجية وقتها، وكانت حركات تنظيمية سياسية تستهدف السلطة في دول الجوار لم تؤثر على وحدة الجغرافيا، ولأن الاردن لم يكن طرفا فيها في أي يوم ما والى اليوم، استطاع التعامل معها واستيعابها وإعادة العلاقات إلى طبيعتها وترميم حالة التضامن العربي سياسيا واقتصاديا.
الملكية الأردنية الرابعة شهدت أحداثا كما في ثالثها بل أشد خطورة ابتداء من الغزو الأمريكي للعراق والربيع العربي والارهاب وصفقة القرن والحرب على سوريا، مجريات متتالية احدثت تغيرات سياسية وجغرافية وديمغرافية اضعفت حالة المناعة للوحدة العربية تاركا الاردن محاصرا وحيدا في مواجهة تداعياتها تحديدا في التصدي لملف القضية الفلسطينية والتي تستهدفه، هذه الأحداث حرمته وحرمت حكوماته من فرص اقتصادية ضائعة واكمال برامجها كما في عام 2010 وماتبعها من أعوام لم تأخذ فترة لالتقاط أنفاسها.
رغم هذه الأحداث استطاع الاردن التعامل معها بحنكة قيادته وادارتها للملف السياسي الخارجي ودعم أبناء شعبها والتصدي لها بكل صلابة وقوة ونهج استراتيجية حصيفة محافظة تهدف للحفاظ على استقرار الاردن ووجوده وان كانت على حساب اقتصاده، لكن كما يقال الضربة التي لا تقسم ظهرك تقويك، لهذا نهض قويا وبدأ مراجعة للأضرار والسياسات التي خلفتها تلك الأحداث وجائحة كورونا الصحية التي فاقمت أيضا من صعوبة الأوضاع الراهنة، وأطلق مرحلة التحديث بمساراتها الثلاث وما نتج عنها من تحولات ديمقراطية متجددة، ورؤية جديدة لبناء مشروع وطني اردني نواته اليات وتشريعات وادوات حقيقية للتعامل مع جائحة اقتصادية، تعمل حكومة العشرين برئاسة جعفر حسان من الميدان بجدية واستراتجية عملية واتخاذ إجراءات سريعة وبتوصية قرارات تدفع العجلة الاقتصادية وان كان ببطء، لكن هناك ماهو مطلوب أكثر منها حتى يلمس الوطن والمواطن الاردني نتائجها لعل أهم هذه الخطوات الالتزام بأهداف مرحلة التحديث وتفعيل ترشيق القطاع العام وخفض النفقات ودعم القطاع الخاص في المجالات الواعدة وتشجيع رأس المال الوطني في المشاركة عبر حزم تحفيزية واستقطاب الاستثمارات والاعتماد على الكفاءات الوطنية وتدريب نخب سياسية إدارية شابة قادرة على صناعة الفرص من رحم الأزمات ومتابعة الإنجازات ومراكمتها وللحفاظ عليها، ويكون عنوانها وبوصلتها نحو اردن اقوى اليوم وفي المستقبل ولتستمر المسيرة بثبات في الملكية الرابعة ليفتخر أبناؤنا والأجيال القادمة أننا حافظنا على أردن هويته وطنية أردنية وفي قلبه أمة عربية.

الدستور

مواضيع قد تهمك