الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : عودة ترامب.. العلاقة الأردنية الأمريكية

اسماعيل الشريف يكتب : عودة ترامب.. العلاقة الأردنية الأمريكية
أخبارنا :  

ضم «يهودا والسامرة» هو احتمال وارد في ظل إدارة البيت الأبيض- هاكابي، سفير الولايات المتحدة للكيان.
أطالع العديد من المقالات والتحليلات التي تتحدث عن المخاوف الأردنية من سياسات إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، المعروف بدعمه القوي للكيان الصهيوني. فقد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعترف بسيادة الكيان على الجولان خلال فترته الرئاسية الأولى. وقد أدان الأردن هذه القرارات التي تتعارض مع الشرعية الدولية وتتنافى مع مواقف الأردن الثابتة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين.
وفي فترته الرئاسية الأولى، أطلق اتفاقيات أبراهام، همَّش القضية الفلسطينية، وقلَّص المساعدات المقدَّمة لوكالة الأونروا التي يعتمد عليها الأردن لدعم اللاجئين.
فبالمجمل، كانت علاقة الأردن بإدارة الرئيس ترامب الأولى باهتة.
وانطلاقًا من سياسته خلال فترته الأولى، تُجمع التحليلات والمقالات على أن الأردن يخشى من احتمال إعلان ترامب ضم الضفة الغربية بالكامل أو أجزاء منها إلى الكيان، ودفع سكانها نحو الأردن. وهذا يُعد تهديدًا مباشرًا للأردن، الذي قد يعتبره إعلانًا للحرب، خاصة في ظل دعوات المتطرفين السياسيين الذين يروجون لفكرة أن «الأردن هو فلسطين».
وإذا وقع المحظور، فقد يلجأ الأردن إلى إغلاق حدوده، كما تفعل الشقيقة مصر، لعدم استقبال أهلنا في الضفة الغربية حفاظًا على أمنه القومي والتصدي لتلك المخططات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. ومع ذلك، قد تنشأ أزمة إنسانية خطيرة على الحدود، تتمثل في تجمع آلاف اللاجئين، ومن المتوقع أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطًا على الأردن لقبول اللاجئين، ملوِّحة بتخفيض المساعدات المالية في حال رفضه.
الأردن، منذ تأسيسه، واجه العديد من الأخطار والتحديات، ومرَّ بأعتى العواصف، لكنه دائمًا ما خرج منها أقوى، برعاية الله، وحنكة قيادته، ووعي شعبه، ورسوخ مؤسساته. وبرأيي، هناك مبالغة في تصوير خشية الأردن من إدارة الرئيس ترامب، ولديَّ عشرات الأسباب التي تدعم هذا الرأي، أذكر منها:
1 - العلاقة الأردنية-الأمريكية هي علاقة مؤسسية عابرة للأحزاب والإدارات الرئاسية المختلفة، وتتميز بتعدد أبعادها وأوجهها المتنوعة.
2 - لا يمكن للولايات المتحدة تجاهل شريك أساسي مثل الأردن، الذي يلعب دورًا محوريًا في استقرار المنطقة، ويملك مفاتيح عديدة وعلاقات متشابكة مع دول الإقليم والعالم.
3 - العلاقات الأردنية-الأمريكية ذات جذور راسخة منذ عام 1949 .
4 - حظي الأردن وقيادته باحترام واسع أمريكي ودولي، لمواقفه منها استضافته للاجئين وتقديمه الدعم الإنساني لدول المنطقة، مما يجعله شريكًا أساسيًا للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي.
5 - هنالك اتفاقيات استراتيجية اقتصادية وعسكرية موقعة بين الأردن والولايات المتحدة، بما فيها اتفاقيات طويلة الأمد.

إسماعيل الشريف
عودة ترامب.. العلاقة الأردنية الأمريكية

6 - يتمتع جلالة الملك بعلاقات دولية وطيدة، بما في ذلك مع القيادات الأمريكية.
7 - الاستقرار وقوة الجبهة الداخلية والتفافها حول قيادتها.
8 - يتمتع الأردن بدور محوري في القضية الفلسطينية ومعظم القضايا العربية.
9 - يعد الجيش الأردني من أكفأ الجيوش العربية وأكثرها تنظيمًا وقادر على الدفاع عن حدوده.
10 - الدبلوماسية الأردنية الحكيمة بقيادة جلالة الملك تُبرز قدرة الأردن على إدارة الأزمات بحكمة ودراية، مما ساعده على تجنب تداعيات الصراعات الكبيرة.
11 - تحظى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس باعتراف جميع الدول، بما في ذلك المملكة العربية السعودية الشقيقة.
12 - لن يكون من السهل على إدارة ترامب الضغط باتجاه تنفيذ الاتفاقيات الإبراهيمية، خاصة مع وجود نتن ياهو وعصابته في الحكم. بعد ارتكابهم المجازر في غزة، يُعد من المستحيل أن يضع أي زعيم يده بيد نتن ياهو، أو أن يستقبله على أرض عربية لتوقيع أي اتفاقيات.
13 - لن يتحقق التطبيع المنشود مع المملكة العربية السعودية إلا بتحقيق شرطها الأساسي المتمثل في إحراز تقدم ملموس نحو إقامة دولة فلسطينية، إلى جانب وجود حكومة إسرائيلية أقل تطرفًا من الحكومة الحالية.
إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مهما حملت من تحديات، لن تكون قادرة على الإضرار بمصالح الأردن الراسخة التي بناها بحكمة قيادته ووعي شعبه وصلابة مؤسساته. فالأردن ليس رقماً هامشياً في معادلة المنطقة؛ بل هو ركيزة للاستقرار وشريك لا غنى عنه في أي حل شامل وعادل.
كما أن للأردن مصالح مباشرة مع الولايات المتحدة فالولايات المتحدة أيضا لديها مصالح مع الأردن لا تستطيع القفز عنها.
على ترامب أن يختار بحكمة بين السير في ظل نتن ياهو المتطرف وخسارة ثقة العالم العربي بأسره والإضرار بمصالح بلاده، أو انتهاج موقف متوازن يراعي الحقائق على الأرض ويُبقي الباب مفتوحاً أمام التعاون مع دول المنطقة، وعلى رأسها الأردن، الذي يظل بوابة الاستقرار والحل. التاريخ أثبت أن من يغامر بتجاهل الأردن يخسر الرهان، وأن من يتحالف معه يكسب الأمن والشرعية والاحترام. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك